في دبي .. كان وقتي أضيق من صدر موظف حكومي جلس على مكتبه في الساعة التاسعة صباحا ووجد أمامه طابورا من المراجعين الذين جاءوا منذ الفجر، وأنا رجل لا أستطيع السيطرة على الوقت حين تزدحم المواعيد في يوم واحد، وكان لابد أن أستغل الفرصة الزمنية القصيرة بين موعدين للمرور على مول الإمارات وشراء غرض محدد ثم التحرك بسرعة البرق للحاق بالموعد المقبل، كان وجهي مخطوفا وذهني طائرا مثلي مثل لاعبي الاتحاد في الدقائق الأخيرة من نهائي آسيا. دخلت السوق دون أن أرد على الرقم الذي كان يطاردني على الجوال بإلحاح، كنت أحث الخطى في المجمع العملاق الذي لا يمكن تحديد موقعك فيه دون الاستعانة بالخرائط الموزعة في الممرات، كنت أسير بين رجال ونساء من مختلف جنسيات العالم ولولا ملاحظتي لأكياس المشتريات التي يحملونها لظننت أني أتجول في مقر الأممالمتحدة، وحين انتهيت من مهمتي العاجلة اتجهت إلى أقرب خريطة كي أستدل على البوابة التي قدمت منها فوجدت متسوقا من الإخوة الإماراتيين يتأمل الخريطة فقلت له: (يا أخي أنت بالذات المفروض تكون دليلتنا) فأجابني ضاحكا: (صدقني أنا أضيع في بيتنا ماتباني أضيع في مول الإمارات)!. وعند البوابة أردت الاتصال بالسائق ولكن ذلك لم يكن ممكنا دون أن أرد على الرقم الذي مازال يطاردني بإلحاح، فقمت بعملية تكتيكية أفضل من كل تكتيكات كالديرون بعد تسجيل الكوريين هدفهم الثاني في مرمى الاتحاد، حيث قمت بالرد على الرقم الذي لا أعرفه وكان على الطرف الآخر – وياللمفارقة – شخص يعمل في واحد من أشهر مولات جدة. كان الرجل يشكو من كثرة الشجارات العنيفة بين الشباب في ذلك المول الفاخر الذي يقصده الجميع في جدة، قال إن المعدل اليومي للمضاربات يتراوح بين 10 و15 مضاربة في اليوم الواحد ما يعني أن الاسم الأجنبي الأنيق لهذا المول يحتاج إلى تغيير ليصبح اسمه (ساحة الوغى)!. أخبرني صاحبنا أن مسألة تحطيم الواجهات الزجاجية للمحلات أصبحت عملية تتكرر عدة مرات في اليوم الواحد، ما دفعني جديا للتفكير بافتتاح محل للزجاج بجوار المول، وأشار الى أن حراس الأمن المساكين لم يعودوا قادرين على احتواء هذه المضاربات العنيفة بين الشبان المستهترين فأصبحوا يتفرجون على المضاربة مثلهم مثل غيرهم من العائلات التي تتفادى عمليات القصف بالأحذية والرفس على البطن، أما سائقو سيارات الليموزين فقد أصبحوا مهرة في عمليات إجلاء المدنيين حين تفر العائلات تاركة مشترياتها في ساحة المعركة. طلب مني صاحبنا أن أكتب عن ضرورة تنظيم عملية دخول الشباب إلى السوق، فقلت له إن المشكلة ليست هنا بل في الواسطة التي تخرجهم من التوقيف بعد كل مضاربة!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة