المكان: أودية الخوبة. الزمان: الرابعة عصرا. الحدث: حرب جبل دخان. لم تمنع رائحة البارود نسائم العصر من حمل رائحة السنابل المتدلية في مزارع الأودية المحيطة بجبل دخان، الحياة هادئة على رغم صخب المعركة، والناس إما مغادرين إلى مناطق آمنة أو باقين مؤازرين. المشهد على أطراف جبل دخان والجبال المجاورة له، يأسر من يزور المنطقة ببساطة الأرض والناس، بيوت متواضعة وسكان على طبيعتهم، يبتسمون في وجه من يقابلونه، وتتسع الابتسامة لرجال الجيش العائدين من المعركة مع الهتاف بالنصر. يتحدث ضابط رفيع في الجيش عن المواطنين الذين يصادفونه في الطريق: «نعود منهكين بعد جولات قوية ومهمة، وفي الطريق نلتقي بالناس يبتسمون في وجوهنا ويرفعون شارة النصر ويرددون العبارات الوطنية فننسى التعب ويذهب الإرهاق». ولا يستغرب الدالف إلى عمق القرى إن صادف بعضا من الباقين لجمع الأمتعة استعدادا للرحيل بإصرار رب منزل على الدخول والضيافة، وربما يحتاج الزائر إلى كثير من الأعذار كي يستطيع إكمال طريقه. يطمئن حسين مجرشي جيرانه بلهجته المحلية الرشيقة أن «الرجال خلصوها»، قاصدا رجال الجيش بأنهم أنهوا المعركة، ثم ينصرف إلى الزائرين مرحبا وداعيا إلى منزله الذي سيغادره بعد أقل من ساعة. وعلى امتداد الطرق السارية في شرايين أودية الخوبة يتوزع رجال القوات المسلحة مدججين بالأسلحة المتطورة والابتسامات والدعابة واليقظة في الوقت ذاته. في أودية الخوبة السنابل ممتلئة بالذرة الحمراء تنتظر عودة أهل المكان لجنيها، بينما رجال الجيش يمشطون المكان حرصا على سلامة الأرض وأهلها مسطرين ملحمة بطولية تحمل أبعادا إنسانية عدة.