صدر باللغة الإنجليزية كتاب «مكافحة الإرهاب.. دور السعودية في الحرب على الإرهاب» لسفير المملكة في لبنان حاليا وباكستان سابقا علي عواض العسيري لدى دار جامعة اكسفورد في بريطانيا. ويمنح هذا الإصدار دلالة من حيث مصدر النشر، إضافة لدلالة المضمون التي يحملها. ويقول ل «عكاظ» السفير العسيري: «موضوع الكتاب في الأساس بحث رسالة الماجستير باللغة الإنجليزية، لأنني حاولت أن أعالج المشكلة، وأيضا أن أثبت حقيقة من خلال اللغة الإنجليزية ليستطيع القارئ الغربي غير المسلم من قراءته». كتاب أكاديمي ويجهد السفير العسيري بإبراز دور المملكة في محاربة الإرهاب والتأكيد على أن الإرهاب لا دين له، فيضع خبراته الأمنية والدبلوماسية في خدمة الباحث، ليقدم كتابا أكاديميا يعالج بشكل متميز ظاهرة الإرهاب تاريخا وحاضرا ليطل عبرها على المستقبل ورؤيته في مواجهة هذه الظاهرة. ويوضح السفير العسيري: «راجعت الكثير من المراجع وعدت في البحث إلى 2000 سنة ماضية، وطالعت كل المراجع لكل الديانات ووجدت أن كل دين عانى من الإرهاب، فكانت النتيجة أنه ما دام الإرهاب وجد في كل الأديان، فإن لا دين للإرهاب. كما لا يوجد دين في الدنيا يعلم قتل الأبرياء وإتلاف الأملاك والأرواح، وقد تحدثت بإسهاب عن هذا الشيء. فالإرهاب ظاهرة موجودة في كل المجتمعات عبر كل العصور». دور المملكة العسيري ومن خلاصة أن لا دين للإرهاب، ينطلق ليبين بوضوح دور المملكة في محاربة الإرهاب والتجربة الرائدة التي قامت بها في هذه المواجهة، ويقول عن ذلك: «ما ذكرته عن جهود المملكة في مكافحة الإرهاب في هذا الكتاب حقيقة ماثلة للجميع وهذه التجربة قد نجحت، لأنه من العام 2004 إلى 2009 لم يكن هناك أحداث بارزة، وقد تم كشف الكثير من الشبكات من خلال الإجراءات الوقائية، والأسلوب الحضاري الذي استخدمته المملكة في إعادة التأهيل أثبت واقعيته، لأن الفكر الضال لن يعالجه إلا الفكر النير، وبالتالي هذه تعود إلى أن القوة ليست كل شيء، القوة لن تقضي على الإرهاب. ما هو مطلوب هو معالجة العقول، معالجة الثقافة الخاطئة ومعالجة الفكر الضال والخاطئ وهذا أكثر فعالية من القوة، فالقوة تبقى خيارا وليست هي الحل». ويتابع: «العالم كله يشهد لدور المملكة ونجاحها.. المملكة استخدمت كل الأساليب لمعالجة هذه الظاهرة سواء في ما يتعلق بتنظيم الأمور المالية، وبالجهد الإعلامي من خلال العلماء النيرين في المساجد وفي أي تجمعات دينية، أضف إلى ذلك أن خادم الحرمين الشريفين بذل جهدا كبيرا على صعيد حوار الأديان، حوار الحضارات وهذا مهم جدا. فالمشكلة اليوم تتمثل بجهل الكثير من الأمور الدينية وخصوصا بالنسبة للعالم الغربي، وعن الدين الإسلامي بالتحديد، وهذا للأسف أظهر الإسلام بصورة غير حقيقية، وقد حاولت ومن خلال مضمون هذا الكتاب أن أبين أن الإسلام بريء من الإرهاب، فالإرهاب ظاهرة وجدت في جميع الأديان وعلاجها واجب جماعي ودولي ويجب أن تتخذ الإجراءات بشكل تنسيقي بين جميع الدول لمكافحة الإرهاب». الأساليب المتبعة السفير العسيري وعبر الكتاب يطالب بإعادة النظر ببعض الأساليب المتبعة في الحرب على الإرهاب، ويقول: «على سبيل المثال في باكستان. هناك 24 ألف مدرسة تحتاج إلى إيجاد بديل أفضل وإعطاء حوافز أفضل، المفروض إنشاء مدارس بديلة، مدارس تدرس الدين والرياضيات والكمبيوتر والرياضة وكرة القدم، ويحدد للطلاب مبالغ شهرية تساعدهم كحافز كي يتركوا المدارس التي لا تفيدهم، فهذه مشكلة حساسة. المطلوب إصلاح هذه المدارس وإيجاد بديل لها يتفق وينسجم مع ثقافة المجتمعات كي لا تكون هناك مقاومة للإصلاحات التعليمية، والمطلوب العمل على تطوير الخطاب الديني في بعض الدول. هناك جهود كثيرة يجب أن تصب في مصلحة معالجة هذه الظاهرة كي تنجح كما نجحت المملكة في تجربتها». مركز دولي ويختم قائلا ل «عكاظ»: «نحتاج إلى دراسة هذه الظاهرة بعمق، وقد اقترح خادم الحرمين الشريفين إنشاء مركز دولي للإرهاب وكان بإمكان هذا المركز أن يستوعب كل الخبرات من جميع أنحاء العالم، وأن يكون مركزا لجمع كافة المعلومات عن الإرهابيين وعن الأحداث الإرهابية، وتوظيف الخبرات العلمية من جميع الجامعات والمؤسسات التي يهمها هذا الأمر. ومعالجة ظاهرة الإرهاب بشكل إفرادي لم تنفع والقوة وحدها لن تنفع، ويجب أن نعترف أن الظاهرة موجودة ومهم جدا أن ندرس هذه المشكلة بطريقة علمية، وأن نرى الدول التي تعاملت وعالجت هذه الظاهرة ومنها المملكة، وتاليا الاستفادة من خبراتها، فكل بلد له خصوصياته وله إمكانياته المحدودة وكل بلد له مشاكله وتركيبته السياسية والاجتماعية والدينية، ولا نستطيع أن نطبق خطة واحدة في جميع الدول. إندونيسيا نسخت جهود المملكة وطبقتها ونجحت، وبالتالي نرى أن تفعيل هذا المركز الذي اقترحه خادم الحرمين في الرياض ليتلقى كل المعلومات من جميع الأماكن التي تعاني من الإرهاب والتواصل بين جميع المؤسسات الدولية والحكومات لإيجاد آلية أفضل وخطة بعيدة المدى لتستطيع معالجة هذه الظاهرة والقضاء عليها».