عزيزي.. أكتب من وراء المحيط لأخبرك أنني وبعد تخرجي لن أعود فالجامعة قدمت لي عرضا مغريا، وأنا لا أريد العودة للشرق، وكنت سأقبل بعرضها وإن لم يكن مغريا، فأنا تحررت من مخاوفي ورعبي، ومتعة أن يستعبدني رجل شرقي، أيدهشك وقاحة امرأة خرجت عن أعراف القبيلة؟ أنا يدهشني أن الرجل الشرقي باستطاعته أن ينظر كثيرا عن حرية تعليم وقيمة المرأة، وأنها نصف المجتمع، لكنه حين يذهب لبيته يضطهد نصف المجتمع؟ هل تعلم أن مكتبة الجامعة والكتب التي اقتنيتها في غربتي هي من حررتني من فكرة أن أكون ملكا للرجل الشرقي ؟ كان الكاتب الليبي والمنفي في أوروبا «النيهومي» هو أول معلم قابلته على صفحات كتبه، ليمنحني الدرس الأول لقتل مخاوفي، كان يقول لي في كتابه: «المرأة في بلادنا لم تشارك في هندسة مجتمعنا، ولم تشارك في تقييم أخلاقياته». كنت أردد بصوت عال مقولته: «المساواة بين الرجل والمرأة مستحيلة في أي مجتمع لا تتساوى فيه فرص الكسب، والمجتمع العربي يتبنى نظاما معدا لكي يكسب فيه الرجل قوته مستقلا عن المرأة، وتكسب فيه المرأة قوتها معتمدة على الرجل. إن المرأة يربيها الرجل بنقوده، ويبيعها لرجل آخر بنقوده، ويطعمها الرجل الآخر بنقوده أيضا، ويكسوها ويدفنها بنقوده، فهل تعتقد أن هذا الرجل يستطيع ذات يوم أن يخلق ثقافة تتساوى فيها المرأة والرجل، هل تعتقد أن هذه السيدة تستطيع أن تفعل شيئا مجديا سوى أن تقف ذات مرة وراء منصة ما وتتسول من الرجل حقوقها»؟ فيما بعد بدأت أقرأ في مكتبة الجامعة عن جاناكي التي شيدت مدرسة خاصة، وكانت المرشدة لملايين الرجال والنساء، قرأت أيضا عن مسعودة التي كافحت تقاليد المجتمع لتحصل على استقلالها الشخصي وأنها ليست تابعة أو مملوكة لأحد. أحببت «مايا» الفلندية التي طالبت النساء أن يهدمن الباب المحرم، فمن حق المرأة أن تجد لنفسها مساحة تقبل بها أو ترفض، وكان هناك نساء أخريات لو أني لم أقرأهن، ربما لم أتحرر من ثقافة الرجل الشرقي. عزيزي.. أعرف أن ما كتبته لن يروق لك، وأتفهم لعنات النساء الشرقيات لي، لأن الرجل العربي هو من اخترع الثقافة، ولم تشارك المرأة في هذا، ولكي تصبح المرأة مثقفة، يجب أن تفكر بنفس طريقة الرجل الشرقي، أي تؤمن بأنها ملك له. ومع هذا أود لو يأتي يوم ويتحرر الرجال من فكرة السبي والمحضيات، ربما هنا أعود أنا وحريتي من جديد، أما الآن فلا يمكن لي ترك حريتي هناك. لا تنسوا إن الله في كل مكان ويمكن لي عبادته خلف المحيط، وسأكون هناك أكثر صدقا، لأن إيماني كان بحرية محضة وليس بأوامر من رجل قيل لي أنه يمتلكني. التوقيع : امرأة حرة S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة