أما وقد أضحى غير خاف على الجميع مدى ارتفاع نسبة الطلاق في السعودية، وبحكم أنها قضية اجتماعية غاية في الخطورة، تمس أغلب الأسر، فضلا عن تداعياتها السلبية على البنية المجتمعية، إلى ذلك يصبح من البدهي أن تتصدر قائمة اهتماماتنا، وبمقتضاه أجدني منساقا لطرح رؤية، أحسب أنها تسهم ولو بالشيء اليسير في التقليل من نسبة الطلاق، أو الخؤول دون تصاعدها كأقل تقدير، ولعلي أتناول الموضوع من زاوية أخرى، ربما لم تلق الاهتمام الكافي، ليس من المعنيين في هذه القضية وحسب، بل من الأفراد أنفسهم، وهو «تكرار الطلاق»، فقد لاحظت أن هناك ثمة من يفشل في الزواج للمرة الثانية، وأحيانا الثالثة، وربما أكثر صحيح أنها حالات ليست كثيرة، وبالشكل اللافت، إلا أنها تسهم في ازدياد إجمالي نسبة الطلاق، وهو الأمر الذي يستدعي بداهة التعرف على الأسباب الكامنة وراء تكرار الطلاق، أو ما يعرف بالفشل لأكثر من مرة، وتاليا وفي ضوء المسببات يمكننا وضع أساليب العلاج. إن الأسباب الرئيسية تكاد تكون موحدة عند الرجل والمرأة، ونوجزها في الآتي: أسباب أسرية: بعض الأسر يصعب عليهم رؤية ابنتهم وقد أضحت مطلقة، فتمتزج نظراتهم لها بين العطف تارة، والامتعاض تارة أخرى، وذلك بطبيعة الحال يرجع للنظرة الاجتماعية القاصرة للمطلقة، الأمر الذي قد يدفعهم لتزويجها لأول متقدم، كما لو كانت «سلعة» منتهية الصلاحية، أو في طريقها لذلك، «عذرا لهذا التشبيه». انكسار الكيان الأسري: ينتاب بعض المطلقات، إن لم نقل جميعهن، شعور بأنهن أصبحن عبئا ثقيلا على أهاليهن، وهو في الغالب شعور نفسي، مرده الإحساس بالانكسار لغياب الاستقرار، فالحقيقة التي لا تقبل الجدل أن المرأة أي امرأة غاية مرادها أن يكون لها كيان أسري خاص بها، ولا يتحقق ذلك إلا بالزواج مهما وجدت من عناية واهتمام في بيت أهلها. مؤدى القول، إن هذا الشعور قد يحرض المطلقة على القبول بالزواج من أول رجل يطرق باب أهلها. الفراغ العاطفي: في كثير من الأحيان يترك الطلاق «عند الرجل والمرأة على السواء» فراغا وجدانيا وعاطفيا، خصوصا إذا كانت فترة الزواج طويلة، وهذا ما يجعلهم يتسرعون في قرارهم بالزواج الثاني طمعا في ملء الفراغ. قد يبدو هذا السبب مثيرا للاستغراب، ولكنه في واقع الأمر حقيقة لا يمكن التغاضي عنها، وهو أن بعض المطلقين يعمد إلى الإسراع في الزواج الثاني فقط ليغيظ طليقته، أو لتغيظ طليقها «لا فرق»، والمفارقة المحزنة إذا تصادف أن الطرف الآخر على ذات الدرجة من الرعونة، فقد يتزوج أو تتزوج على وجه السرعة مهما كانت مواصفات «زوج الغفلة»، فالمهم رد الصاع صاعين. أيا كان الأمر ربما نخلص مما تقدم إلى أن التعجل في الزواج الثاني هو محور المشكلة، فالأسباب آنفة الذكر تجعل المطلقين ينساقون وراء أهواء ونوازع وينسون جوهر المشكلة، وبكلمة أخرى هم يسعون لحل وضعهم دون الوقوف على الأسباب التي فرضت هذا الوضع. ومن أجل الإيضاح، أورد بعض الأمثلة، فالمرأة التي طلقت لأنها لم تستطع العيش مع زوج بخيل، قد تقع بزوج أشد بخلا، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فالرجل الذي طلق زوجته لأنها أهملت بيتها وزوجها، قد يقع في زوجة أكثر إهمالا وتقاعسا من سابقتها، وعلى ذلك قس بقية الأمور، ولا يفوتني في هذا المقام أن أستحضر قول الشاعر (رب يوم بكيت منه، فلما صرت في غيره بكيت عليه)، غاية الأمر يجب التريث مليا والتأني في اتخاذ قرار الزواج عموما، وأخص بالذكر الزواج الثاني، وأقصد بذلك تلافي الأسباب الرئىسىة في الفشل الأول. وقبل أن نختتم، قد يكون مهما التذكير بأن هناك من يغالون في خوفهم من الفشل، فالزواج الثاني بالنسبة لهم يشكل هاجسا قد يجعلهم يضربون نهائيا عن الزواج، وكما تلاحظون هذه القضية تشكل مع سابقاتها طرفي نقيض، فالأولى التسرع بالزواج، والأخرى العزوف عنه، من جديد وحتى لا نطيل أكثر، لابد من إمساك العصا بالمنتصف. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة