يشير الواقع عند الخوض في مسائل تعليم البنات، إلى أن بعضنا لا يزال يحمل في نفسه شيئا من «التعليم المؤنث»، وإن كان بصورة أكثر تحضرا. في بحر الأسبوع الماضي حملت بطاقتي شكوى وصلتني إليكترونيا إلى مسؤولين اثنين في جامعتين مختلفتين يشرفان على ما يجري ل«البنات» خلف أسوار كلياتهن. كانت فحوى بطاقتي الشكوى تختزل معاناة سنوات من ترقب التطوير والارتقاء بالمستوى التعليمي الجامعي الأنثوي، خصوصا بعد أن تخلت عنهن وزارة التربية لصالح التعليم العالي اتقاء الفوضى؛ فماذا حصل؟ نبهني الأول إلى أن هذه الكليات ستبقى الموروث الأصعب الذي تحملته جامعته على مضض، وهي تحاول حتى اللحظة وإلى المستقبل البعيد أن تصلح ما لم يصلحه السابقون الأولون ولكن على «مضض» أيضا. ويصارحني الآخر وهو يتأمل الشكوى المليئة بالاستجداءات الأنثوية بأن «الطريق طويلة جدا لعلاج الفوضى المستوطنة هناك، خلف الأسوار المغلقة»، وأردف لي ضاحكا وواعدا بالحل: «دعنا ننتهي أولا من مشاكل الطلاب.. لنتفرغ لمشاكلهن». ومن حديثهما آخذكم إلى الواقع: تقتات البنات في الجامعات والكليات على ما فاض من حاجة الذكور. ينتظرن دوما أن يبلى كرسي ويتشقق جدار مبنى ويتعطل معمل حتى يغادره الطلاب إلى الأحدث ويتمتعن هن بما تبقى من رائحة «الجديد» فيه. تصلهن التقنية بعد أن يشبع بها الطلاب وينفضون أيديهم منها. يسلكن الطريق المعقدة التي سلكها الذكور قبل عقد على الأقل؛ لا يبدأن من حيث انتهى أشقاؤهن ولكنهن ينطلقن من الصفر وكأن هذا قدرهن. اسألوا أخواتكن وبناتكن من الغد، خصوصا تلكم اللاتي يجاهدن أنفسهن على تحمل الساعات في صناديق الكليات فيما بعد من المدن والمحافظات، ستكتشفون حتما حجم الفوضى في النظام الإداري والتعليمي الذي يسكن بها. لا يعلم إلا الله كم الوقت الذي سننتظره حتى يفرغ المسؤولون من إصلاح مشاكل الذكور، حتى يبدأون بالإصلاح مع شقيقاتهم. ولا يعلم إلا الله عدد من سيخسرهم وطني من الإناث اللاتي يقفن على الرصيف انتظارا لهذه الوعود. حتى في التطوير نمارس الفصل، وكأن التطوير المتزامن سيثير المشاكل. فيا سيداتي وأخواتي: ووعود إصلاح الحال والتغيير إذ تتأخر عليكن، فإنها تطلبكن العذر و«السموحة» على التقصير. تحملن المعامل المعطلة، والكراسي المكسورة والجدران القديمة. تحملن الأنظمة المعتقة، وطول ليل الإجراءات، وضيق حال التخصصات التي تبحثن عنها، وتلك التي لم يكتب نصيبكن منها. فحفلتكن ستبدأ بعد سنوات، أتنبأ بذلك وأنا أسمع تأوهات المصيبة عندما تناقش ملفات تعليمكن، وقد لا تبدأ الحفلة المنتظرة أصلا. نشكركن على تحمل الانتظار.. وإلى اللقاء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة