قرأت في هذه الصحيفة يوم الأربعاء الماضي خبرا أذهلني وكدت لا أصدقه. فحوى الخبر أن أحد المواطنين، على إثر قراءته حادثة اختفاء طفلين قطريين من الحرم المكي، بادر بإبلاغ الشرطة أنه رأى رجلا يصطحب طفلين، لون بشرتهما يختلف عن لون بشرته، وأنه يشتبه في أن يكونا هما الطفلان المفقودان، فتفاعلت الشرطة مع بلاغه وقامت بالتحقيق مع المشتبه به الذي تبين فيما بعد أن لا علاقة له بالطفلين المختفيين. لكن القضية لم تنته عند هذا القدر، فقد قام المشتبه به برفع دعوى قضائية ضد المبلغ عنه مطالبا برد اعتباره وحفظ حقوقه المعنوية والمادية جراء التحقيق معه في قضية هو بريء منها. وهنا بدأت متاعب ذلك المواطن حيث استدعي للتحقيق معه ثم أصدر قاضي المحكمة الجزئية حكما ضده يقضي بسجنه شهرا وتغريمه خمسة آلاف ريال، تأديبا له على مبادرته إلى الإبلاغ عما أثار شبهته، وعد ذلك نوعا من (اللقافة) وحشر النفس فيما لا يعنيها!. كان أول شيء فعلته حين قرأت هذا الخبر، أن حمدت الله أن وفق الصحيفة إلى نشره ووفقني إلى قراءته، فمن الضروري والمهم أن يعرف كل مواطن مغبة (اللقافة) وحشر النفس فيما لا يعنيها، فنحن جميعا معرضون للوقوع فيما وقع فيه ذلك المواطن (الملقوف) الذي ظن أن من واجبه المبادرة إلى الإبلاغ عن كل مايثير الشبهة ويهدد أمن الوطن، ونسي أن عليه أن يصبر ويتريث إلى أن يتأكد ويتحرى حتى وإن فر المشتبه به وضاعت فرصة القبض عليه، أما إن لم يمكنه ذلك فعليه أن يغمض عينيه ويلجم لسانه فلا يزعج الشرطة ببلاغات تنتهي إلى لا شيء. نحن الآن بعد نشر هذا الخبر، صار واضحا أمامنا، أن مثل هذه الأمور لا مكان فيها للاجتهاد أو الحرص على سرعة التبليغ عن مايثير الشكوك فيما يخص أمن المجتمع، صغر أو كبر. فنجاتنا الشخصية تقتضي منا التقيد بالحكمة المشهورة: (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم)، وعلينا أن نسير مغمضي العيون مكممي الأفواه أمام كل ما يصادفنا من مثيرات الشك أو دواعي الاشتباه، فاللقافة عاقبتها وخيمة، وقديما قيل: (من أدخل نفسه فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه). بهذا الأسلوب يتحقق تعزيز الشعور بالانتماء، وفي إطار هذه الأحكام تنمو العلاقة بين الفرد والمجتمع، والمواطن والجهات الأمنية... والله المستعان. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة