طالب الدكتور عبد العزيز بن صالح بن سعد بن سلمة وكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي، رجال الأعمال بممارسة دور أكبر في صناعة الإعلام، بضخ استثمارات ضخمة ومساعدة المؤسسات الصحافية على الارتقاء بالمهنية، ومواجهة المرحلة المقبلة للصحافة المكتوبة المحلية، من خلال تخصيص عشرة في المائة من الأرباح، لتدريب الكوادر المهنية القادرة على تقديم مادة عالية الجودة وتزويد الصحف المحلية بها. الإعلام يحتاج لاستثمارات ضخمة وقال البارحة الأولى في محاضرة بعنوان: «قطاع رجال الصناعة الإعلامية» في اللقاء الشهري لغرفة الشرقية، إن إشكالية العلاقة بين قطاع الأعمال و الصناعة الإعلامية ما تزال قائمة وتفرض نفسها بقوة، خصوصا في ضوء ما تحتله هذه الصناعة في جميع المحافل و قدرتها على السيطرة والهيمنة على الأجندة العالمية، بحيث أصبح الإعلام المادة اليومية وجزءا من الجدول اليومي للناس، وبالتالي فإنه من الصعوبة الاستغناء عن الإعلام في صياغة الرأي العام، مؤكدا، أن الإعلام من الأعمال التي تتطلب استثمارات ضخمة على مدى زمني معين، موضحا أن القاعدة الإعلامية للمملكة تكونت على مدى 80 عاما، حيث انطلقت مع صدور صحيفة أم القرى في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، بيد أن القوة الإعلامية للمملكة لم تكتسب هذا الزخم القوي إلا في الأعوام ال 24 الماضية، حيث انطلقت بشكل عملي في عام 1373 ه، وتمثل ذلك في مبادرة مجموعة من رجال الأعمال في المنطقة الغربية لتأسيس مؤسسة إعلامية «العربية للطباعة والنشر»، واستقدموا أحد أساتذة الإعلام في جامعة القاهرة، بهدف الاستفادة منه في وضع الأسس المناسبة للشروع في انطلاقة أول صحيفة، واستوردوا أحدث المعدات آنذاك من ألمانيا، وبحضور الملك سعود بن عبد العزيز – رحمه الله – صدرت صحيفة «الرياض»، مضيفا أن تلك التجربة لم يكتب لها النجاح وتستمر لمدة طويلة، إذ سرعان ما توقفت عن الصدور بعد 18 شهرا وعرضت للبيع من قبل المستثمرين، حيث تصدى للشراء رجل الأعمال أحمد عبيد (والد ثريا عبيد)، وذلك بشراء المؤسسة بأقل من نصف السعر، مرجعا سبب تعثر ذلك المشروع الإعلامي لتسرع المساهمين، حيث كانوا يعتقدون أن العائد في الإعلام سريعا، بيد أن الدراسات تشير إلى أن العوائد الربحية في صناعة الإعلام تتطلب فترة تتراوح بين 5 – 7 سنوات. وقال إن الحصول على إعلام فاعل وقادر على تقديم المزيد من الاحتياجات، يستدعي أن يكون على مستوى عال من التجهيز التقني والمستوى المهني من قبل الكادر الصحفي العامل فيه، إضافة لتوفر الهامش المناسب من الحرية الذي يمثل عاملا أساسيا في تحقيق تلك الأهداف المرسومة من الإعلام، مضيفا، أن مسيرة الإعلام في المملكة مرت بمراحل اتسمت في بعض فتراتها بالهبوط والبعض الآخر بالصعود، مؤكدا، أن الإعلام المحلي في المملكة يعيش مرحلة من الهوامش الكبيرة مقارنة بالفترة السابقة، خصوصا خلال فترة التسعينات من القرن الماضي، معتبرا أن الحالة الديناميكية التي يمر بها المجتمع تمثل العامل الأساسي وراء حصول الإعلام المحلي على هامش الحرية. وتساءل عن موقع الإعلام ودور القطاع الخاص، مؤكدا في الوقت نفسه، أن هذا الدور ما يزال غير واضح لعدة أسباب، منها: تواضع مشاركة رجال الأعمال في الإعلام خلال تلك الفترة بصفتهم الفردية، وذلك بالرغم من أهمية الإعلام في إكساب صاحبه حضورا، سواء مبررا أو غير مبرر، مشيرا إلى أن الملك فيصل بن عبد العزيز – رحمه الله – لاحظ في عام 1384ه تواضع الإعلام الأهلي وعدم قيامه بدور فاعل، لكي يتصدى للهجمة الشرسة التي تتعرض لها المملكة من العديد من الجهات العالمية، كما أن دور الإعلام الأهلي آنذاك لم يكن مرئيا بما يناسب تطلعات المجتمع السعودي، لمنافسة الإعلام المستورد سواء من مصر أو لبنان (خصوصا إذا عرفنا أن الإذاعة في تلك الحقبة الزمنية لم تكن مسموعة في العديد من مناطق المملكة، بسبب عدم وصول بثها أو لأسباب أخرى)، مضيفا أن الملك فيصل بن عبد العزيز قام آنذاك بدفع رجال الأعمال للمشاركة الإعلامية، من خلال تبني مشروع المؤسسات الصحفية المساهمة، وإلغاء المؤسسات الصحفية الفردية، مبينا أن الملك فيصل بن عبد العزيز أكد على فكرة إشراك رجال الأعمال في المؤسسات الصحفية، بحيث تكون مساهمة من قبل 30 مساهما موزعة بالتساوي على ثلاث جهات، رجال الأعمال والمثقفين والمسؤولين الحكوميين. الدولة ساعدت الصحف وقال: خلال تلك الحقبة الزمنية لم تكن في المنطقة الشرقية صحيفة واحدة يومية، فيما كانت السودان تحتضن 10 صحف يومية، لافتا إلى أن الدولة ساعدت الصحف اليومية بمنحها الأراضي لإقامة تلك المباني والاشتراكات السنوية، مقابل الإعلانات الحكومية المجانية، من أجل أن تقف تلك الصحف على قدميها، ما جعل تلك الصحف تبدأ في تحقيق النجاحات بدءا من 1379ه، اذ بدأت في تحقيق الأرباح خلال تلك الفترة الزمنية، مستغربا إحجام رجال الأعمال عن المشاركة الفاعلة في الإعلام، مرجعا ذلك لعدم إدراكهم لأهمية المساهمة في الإعلام. رجال الأعمال يهيمنون على الإعلام وقال: إن بعض المؤسسات الإعلامية المحلية توجد فيها هيمنة كبيرة من رجال الأعمال، حيث يمتلك البعض منهم نحو 54 في المائة من الأسهم، بيد أن تلك الهيمنة لم تنعكس بصورة مباشرة على المضمون أو تغاضيهم عن المضمون في أداء بعض المؤسسات الاقتصادية، حيث يعمدون لممارسة ضغوط كبيرة على تلك الوسائل الإعلامية بالابتعاد عن نقد بعض المؤسسات الاقتصادية في التغطيات، تفاديا من حرمانها من الحصة الإعلانية الضخمة، معتبرا أن مساهمة رجال الأعمال في الصحافة المكتوبة أمر مطلوب. ودعا رجال الأعمال لضخ استثمارات ضخمة ومستمرة في الإعلام المكتوب للوصول لأعلى مستويات المهنية والتقنية، مؤكدا أن عدد الصحف الموجودة في المملكة حاليا غير كاف على الإطلاق، مضيفا، أنه مع ظهور القنوات الفضائية، اضطرت العديد من الصحف الأسبوعية للإغلاق، باستثناء بعض المجلات النسائية الأسبوعية. الإعلام القوي حماية للجميع وأكد أن الإعلام القوي ضرورة لحماية الدولة والمجتمع ورجال الأعمال، وقال إن رجال الأعمال لا يمكنهم الوصول إلى الجمهور إلا من خلال الصحف اليومية، لأنها القادرة على تعريفهم للمجتمع أو الترويج عن السلع وغيرها من المشاريع المختلفة. وانتقد المستوى المهني للعاملين في الصحف المحلية، معتبرا أن المستوى المهني للجزء الأكبر منهم لا يرتقي للأداء المهني المطلوب، وقال إن عدد الكفاءات المهنية التي تمتلك الأدوات اللازمة للوصول إلى صحافة راقية لا يغطي سوى 25 في المائة من العدد المطلوب، مرجعا ذلك لإغفال المؤسسات الصحفية للتدريب، وعدم اهتمام المساهمين بهذا الجانب لتطوير الكوادر الصحفية في تلك المؤسسات، مما ينعكس بصورة واضحة على المضمون وما ينشر في صفحاتها اليومية. وانتقد ظاهرة الإعلانات الضخمة التي تهطل كالمطر على الصحف، سواء في مناسبات التعزية أو التهنئة، والتي بدأت في البروز منذ عام 1393ه، مضيفا أن ظاهرة التعزية في الصحف زادت عن الحد المتعارف عليه، خصوصا أن الصحافة تمثل المرآة لدى شعوب العالم، متمنيا أن تكون هذه الظاهرة عابرة، مطالبا بضرورة تخصيص جزء من تلك الإعلانات للتدريب، للحصول على مهارات وقدرات في المجال الصحافي، مقللا من المخاوف التي تنتاب تلك الصحف من تسرب تلك الكوادر والاتجاه نحو مجالات أخرى بعد التدريب. غياب التخصص وقال: إن الجميع يلاحظ غياب التخصص في الصحافة المحلية، حيث إنه بالرغم من أن المملكة من أكبر مصدري النفط في العالم، فإن المتخصصين في النفط قليلون أو غير موجودين على الإطلاق، ولعل الاهتمام الكبير الذي صاحب فورة الأسهم المحلية، وبحث الصحف اليومية عن محللين في الأسهم، قد مثل فجوة كبيرة، تمثلت في غياب التخصص في الكوادر الصحافية العاملة في الصحف المحلية. تطوير القنوات التلفزيونية وقال: إن وزارة الثقافة والإعلام تبذل جهودا كبيرة في سبيل تطوير القنوات التلفزيونية، بما يتواكب مع التطور الحاصل في صناعة الإعلام، مشيرا إلى أن هناك 140 قناة فضائية تبث باستثمارات سعودية في الوقت الراهن، يغلب عليها التواضع في المادة التي يتم بثها، مطالبا بضرورة افتتاح قنوات فضائية قوية وعملاقة تخدم المستثمرين أنفسهم والمجتمع في الوقت نفسه. وشدد على ضرورة قيام رجال الأعمال بمبادرات تصب في خانة الترويج للاقتصاد الوطني، مؤكدا أن القطاع الخاص في المملكة يحظى باهتمام القيادة، بيد أنه ما يزال «بخيلا» في مساهمته في الترويج للاقتصاد الوطني. وقال: إن غياب اللغة العربية عن اللغات المعتمدة في منظمة اليونيسكو، يرجع لعدم وجود التمويل اللازم لتوفير كوادر للترجمة، خصوصا أن اللغات المعتمدة في تلك المنظمة هي الإنجليزية والفرنسية، فيما توجد لغات أخرى مثل الروسية والصينية والإسبانية تمولها دولها، ولعل ما يحز في النفس أن تمول إيطاليا برنامج الترجمة في مؤتمر «التراث العربي» الذي عقد قبل عدة سنويا، فيما غاب التمويل العربي عن حضور اللغة العربية في تلك المحافل الدولية، متسائلا عن سبب غياب أموال المؤسسات الاقتصادية عن تمويل مثل هذه البرامج الهامة. وبين أن وزارة الثقافة والإعلام تمارس دورا إيجابيا في الوقت الراهن، فيما يتعلق بالتعامل مع الإعلام الخارجي، وقال إن الوفود الإعلامية الأجنبية تجد التسهيلات لدخول المملكة، ففي الفترة السابقة كانت عملية إصدار التأشيرة تستغرق ثلاثة أشهر، فيما لا تتجاوز الفترة الراهنة 2 3 أيام في الغالب، مما ساهم في تشجيع القنوات الإعلامية العالمية للقدوم للمملكة وإجراء المقابلات والتحقيقات في مختلف مدن المملكة، مؤكدا أن الوزارة تعمل باستمرار على تطوير أدائها، بما يخدم الجميع. السيرة الذاتية حاصل على شهادة البكالوريوس من قسم الإعلام في جامعة الملك سعود في تخصص: إعلام/ علاقات عامة، في الفصل الثاني من العام الجامعي 1402/1403ه. أبتعث إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية في 6 ذو القعدة 1403 ه، وحصل من الجامعة الأمريكية في واشنطن، دي. سي. على درجة الماجستير في مجال الإعلام الدولي، ودرس التخصص الفرعي: علاقات دولية واقتصاد في جامعة جورج تاون بتاريخ 20 ديسمبر 1985م.. أعيد ابتعاثه إلى فرنسا في 6 يوليو 1986 م، وحصل على دبلوم الدراسات المعمقة (D.E.A.) في مجال وسائل الاتصال الفرنسية من جامعة باريس الثانية للحقوق والاقتصاد والعلوم الاجتماعية بتاريخ 22 فبراير 1989م. حصل من الجامعة نفسها في 18 رمضان 1414ه، على درجة الدكتوراه في مجال الصحافة، كما حصل على جائزة أفضل أطروحة دكتوراه التي يمنحها مجلس الجامعات الفرنسية في مسابقته السنوية، بترشيح من جامعة باريس الثانية للحقوق والاقتصاد والعلوم الاجتماعية. سبق له أن شغل عددا من المناصب في صميم تخصصه الإعلام، منها وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الخارجي، بموجب قرار مجلس الوزراء بتعيينه في الجلسة المنعقدة يوم الاثنين 20 صفر 1427 ه . شغل منصب رئيس قسم الإعلام، والأستاذ المساعد في القسم– كلية الآداب - في جامعة الملك سعود خلال الفترة، 2005-2006م.