انظر حولك، بل انظر إلى نفسك، ستجد آثارا صينية تلتصق بك، أو تحيط بك من كل مكان، فوق رأسك، وتحت قدمك، وعن يمينك، وعن يسارك، ومن أمامك، ومن خلفك، ستجد بلا مبالغة أنك لا تستطيع أن تستغني بأي شكل من الأشكال عن ذلك العملاق المارد ذي المليار وثلثمائة مليون نسمة. الطاقية التي على رأسك من صنع الصين، وربما الحذاء كذلك، وإن لم يكن ثوبك في الأساس من نسيج صيني، فمن المؤكد أن «سروالك» قد جاء عبر القارات من الصين إلى الخليج، ناهيك عن ملابسك الداخلية، سجادة الصلاة التي تحملها في يدك متفاخرا بها كعلامة مشرفة على إسلامك هي من صنع الصين، وسيارتك ذات الماركة العالمية، باتت تصنع أو تجمع في الصين، قلمك الذي يرافقك في عملك ومعاملاتك صيني أيضا، أدوات بيتك وملابس أهلك كلها من خيرات وإبداعات ذلك البلد. لم تفلح أمريكا وهي كما يحلو لها وللكثيرين من المغرمين بها الدولة العظمى أن تنتج حتى الآن تطعيما لهذا المرض اللعين، انفلونزا الخنازير، الذي أصاب العالم بالخوف والفزع والهلع، بينما أعلنت منظمة الصحة العالمية منذ أيام أن «الصين ستكون أول دولة تطعم أهلها وشعبها ضد انفلونزا الخنازير، بعد أن نجحت بسرعة كبيرة في إنتاج لقاح من جرعة واحدة ضد المرض»، وقد وقع اختيار بكين على شركة سينوفاك الصنيية للأدوية للإنتاج اللقاح الصيني الذي سيقرر رسميا كلقاح لانفلونزا الخنازير خلال أيام. هذا الخبر، نشرته واشنطن ووكالات الأنباء العالمية، ولفت انتباهي فيه عدة أشياء أولها: أن هذا اللقاح صيني 100 في المائة، لافضل للغرب فيه. ثانيا: أن الصين ستقوم بتطعيم شعبها الذي يفوق المليار. ثالثا: أننا لم نسمع «جعجعة» ولا «طنطنة» ولا حتى «دعاية» صينية حول هذا اللقاح، وإنما فوجئنا بانتاجه واعتماده رسميا. رابعا: أن المبادرة باستعمال هذا اللقاح على أهل الصين وشعبها، يعطي ثقة للقاح فهي ليست «مناورات» من قبل شركات الأدوية، ولا مجرد شائعات من أجل تصريف أدوية فاسدة وغير ذات فعالية، وإنما سياسة عملية وتخطيط واع وإرادة قوية، مكنت الصين من أن تحيط بنا نحن دول الخليج بصفة خاصة وبالعالم أجمع بشكل عام. «الحالة الصينية» التي نحن بصددها ليست وليدة الصدفة، ولا العشوائية التي تسربت إلى حياة كل فرد في عالمنا العربي والإسلامي، وإنما هي ثمرة أهداف وطنية وقومية واضحة، لا للقيادات وحسب، بل لكل فرد صيني من هذا العدد الهائل. لقد حققت الصين أعلى معدلات النمو وأسرعها في العالم، كما حققت زيادة في الإنتاج والتصدير وفي التطور التكنولوجي. والغريب أنها تتعرض لحالة من الحظر الغربي التكنولوجي، إلا أن هذا الحظر لم يفت بعد في عضد أبنائها ولم يوهن عزيمتهم ولم يضعف إرادتهم. إن الروح المعنوية للشعب الصيني والأمل في مستقبل أفضل ووصول عائد التنمية إلى المواطن الصيني البسيط، كل ذلك بفضل السياسات الرشيدة الحكيمة في جذب الاستثمارات الأجنبية والقضاء على الفساد والرشاوى ووضع «الرجل المناسب في المكان المناسب» واختفاء «الوساطات» و»المحسوبيات» التي تلتهم كل إنجاز حقيقي، ناهيك عن احترام أصحاب الخبرة والكفاءة. إن هذه العوامل جميعها هي بمثابة وصفة طبية، لا تقتصر على علاج انفلونزا الخنازير.. وإنما معالجة لكثير من أمراضنا، فهل نستفيد منها. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة