لا يخفى عنا ما تعانيه كل أسرة في بلدنا من اختبار القدرات العامة كل سنة سواء من الناحية المادية أو المعنوية. فمن الناحية المادية، لا شك أنه حتى وبعد إعفاء بعض الأسر المعدودة من رسوم الاختبار فإنه ما زالت هناك العديد والعديد من الأسر التي لا تجد لقمة العيش لأبنائها فكيف تستطيع توفير المائة ريال؟ أعرف أن معظم القراء والقائمين على هذا المركز سوف يقولون إنني أبالغ في كلامي، ومعهم حق، فقد يكون هذا المبلغ الزهيد تافها بالنسبة لهم، فقد يدفعون آلاف الريالات قيمة للعبة فما بالكم باختبار، طبعا اللهم لا حسد، فالأرزاق بيد الله وهو موزعها سبحانه وتعالى لحكمة من لدنه، ولكنني أتكلم من معايشة حقيقية لعدة مدارس في مدينة حضارية كبيرة وهي جدة فما بالكم بقرى ومحافظات صغيرة، كانت هناك العديد من الطالبات اللاتي يخجلن من النزول وقت الفسحة مع الطالبات الأخريات لعدم توافر المصروف اليومي لديهن وبعد التقصي والبحث وُجد أنهن قد تأتي أيام ينمن من غير عشاء وبعد هذا نطلب منهن 100 ريال، أما إذا أخفقن في الاختبار لظروف خاصة فهن يجدن صعوبة في توفير المبلغ مرة أخرى للإعادة أما القادرات على توفير المبلغ فتستطيع إعادة الاختبار كذا مرة، فأين العدل هنا. أنا لست ضد هذا الاختبار فأنا وغيري نتمنى أن نصبح مثل المكسيك واليابان والصين والبرازيل ممن يعتمدن فقط على نتيجة هذا الاختبار للقبول في جامعاتنا، نعم نأمل أن يطبق هذا الاختبار عندنا ولكن ليس هكذا، فنحن عملنا مثل هذه الدول المتقدمة ولكن نسينا أمورا عديدة مثل طرق وأساليب التدريس لدينا ومناهجنا العقيمة بالإضافة إلى المدرسين وأساليبهم التي لا تدفع الطلاب للإبداع والتفكير، فبعد 12 سنة من التلقين والحفظ والصم نطلب من الطالب خلال ساعتين ونصف الساعة فقط أن يقرأ بفهم وعمق وأن يفكر ويحلل ويستنتج، فاختبار القدرات هذا كما يقولون يقيس القدرة على الفهم والتطبيق والاستدلال والتحليل فهو يعتمد على القدرات العقلية التي تنمو وتتطور بالاجتهاد الخاص والعمل العقلي المستمر عبر السنين، فلنكن واقعيين ونجيب: هل يستطيع الطالب بمفرده ومن غير مساعدة المدرسة وفي ظل مناهجنا العقيمة وأساليب تدريسنا الجامدة أن يطور عقله؟ لماذا لا نبدأ بتغيير مدارسنا أولا ثم نطبق الاختبار؟ هل جميع طلابنا وطالباتنا قادرون على توفير المائة ريال هذا المبلغ الزهيد في نظر الكثيرين؟ ماذا لو قدمنا هذا الاختبار للمعلمات والمعلمين هل سيتفوقون فيه أم أن «باب النجار مخلوع»؟ وأخيرا، لاحظوا أنني تكلمت عن مدينة جدة 2009 وأترك لكم التفكير في القرى الأخرى والقدرات الخاصة بالطالبات وما يعانينه من مشقة السفر والموصلات. ريما الأحمري جدة