لم أفهم أن يسأل مشاهد قطري في أقصى الساحل الشرقي عن جامعة سعودية في أقصى الساحل الغربي في برنامج إفتاء على الهواء في سؤال لم يخرج عن الاندفاع الذي يحصل من بعض المتخصصين في الإنكار ممن يتسرعون في إطلاق أحكامهم وتغلب عليهم حماستهم!! فجامعة الملك عبدالله مشروع علمي ضخم لا يمكن أن نسمح لجدل من هذا النوع الذي تعودنا عليه في قضايا محلية ضيقة الأفق أن يشوهه أو ينتقص من قدره أو أهميته كجسر معرفي ينقل البلاد إلى مستقبل يحقق أحلامها ويعيد وهج حضارتها العلمية الإسلامية الهوية، وبكل تأكيد لا يمكن أن نسمح بأن تتحول إلى ساحة جدلية لتصفية الخصومة الأيدلوجية بين تيارين متناقضين، متطرفين وإقصائيين يتوهم كلاهما أنه يخوض معركة المجتمع في الوقت الذي لا يملك فيه أي منهما تفويض هذا المجتمع!! لقد صارت الجامعة حقيقة واقعة وهي للوطن كما أرادها المليك، وليست كعكة للتنافس عليها بين تيارين معزولين في المجتمع، وبالتأكيد ليست مشروعا يخص أي فئة تريد أن تفرض هيمنتها وتصبغه بصبغتها، فالجامعة ليست مشروعا تغريبيا كما يتمناه البعض أو يخشاه البعض الآخر، وإنما مشروع علمي خالص جاء في مرحلة حساسة وحاسمة من عمر الوطن، ويشكل منعطفا مهما نحو اللحاق بالركب الحضاري ضمن المشروع الكبير للنهوض بمستوى التعليم في البلاد، فالتعليم هو حجر الأساس في بناء أي أمة!! لقد انتظرنا طويلا ولادة مثل هذا المشروع العملاق ولن نسمح اليوم أن يأتي الشيخ سعد الشثري أو أي أحد للانتقاص منه أو وضع العصي في دواليبه كما لم نسمح من قبل لمن أرادوا تعطيل عجلة التعليم في بدايات انطلاقته والوقوف في وجهة الاختراعات العلمية والتقدم التقني ليكتشفوا لاحقا خطأ مواقفهم وارتكازها على الغلو والجهالة والحماسة الجوفاء ، فإذا كان الأمر قد استغرقهم سنوات طويلة ليدركوا خطأهم، فإننا اليوم لا نملك دقيقة واحدة لنضيعها من عمر الوطن، فالتحديات ضخمة، ولا مكان في المستقبل لمن يريد البقاء في الماضي!!