اليوم الوطني التاسع والسبعون للمملكة ذكرى غالية وعزيزة تماثلت في أذهان أبناء وطننا العزيز بما تحمله من معاني البطولة الصادقة ولغة الانتصار والتوحيد والمعاني الرفيعة لارتباط ذلك اليوم التاريخي بأمجاد الوطن وتحولاته الجذرية نحو الخير والأمن ودحره للشر والشتات. وهو اليوم الذي اعتلى فيه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه رفعة المجد ليعلن للجميع عن مولد وطن العزه والشموخ في ظل حكم كتاب الله متوشحا بيرق المجد تحت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله، محولا مسار حياة الجهل والمعتقدات الخاطئة إلى مرحلة السير قدما إلى أدراج المجد والعلا. إن الاحتفاء بهذه المناسبة هو احتفاء باليوم الذي قاد فيه الملك المؤسس ومعه صفوة من الرجال المخلصين معركة النصر على الشر والفساد حين استعاد أمجاد آبائه وأجداده. وأعلن صوت سرى إلى السهول والجبال الملك لله ثم لعبد العزيز، ليواصل طريقه لنصرة دين الله ويزرع بذور الخير في أرض الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، ليحقق غايته بتوحيد شتات الجزيرة وإعلاء صوت الحق، إنقاذا لإنسانها من مهاوي الشر والهلاك حتى انضوت البلاد تحت لواء التوحيد الخالد، وعمت أرجاء الوطن نعم الأمن والعدل والرخاء، حيث أمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وعقيدتهم، بعد أن كانت تتقاذف الأيام والمحن مصائر الناس إلى مراحل الإسفاف والقتل والسلب والشركيات وقانون الغاب الذي يحتكم إليه الناس. فالقتل عند أبسط الأسباب والموت والجوع عند قطاع الطرق والكرامة والشرف تذهب لمن بيده السطوة وقوة الإجرام. ولم تكن شبه الجزيرة العربية سوى نموذج من وحشية الحياة وعتمة الأيام والسنين حتى سخر الله لها جلالة الملك الموحد لتتحول إلى واحة من التحضر والقيم، ومنابر لدعاة الخير، ومركز إشعاع لدين الله العظيم، فسابقت خطوات التقدم أكبر مسيرات التنمية في بلاد العالم. وصعد الإنسان السعودي إلى آفاق أوسع في العلم والاقتصاد والثقافة والأدب وشتى جوانب العلوم والمعارف. إن المملكة العربية السعودية سارت على امتداد تلك الحقبة الزمنية منذ عهد المؤسس مرورا بأبنائه الأفذاذ الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله وحتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني يحفظهم الله على أساس بناء حضارة الوطن والإنسان فتعالت الصروح في لفتة رصدتها لغة التقدم والحركة التنموية في مختلف بلدان العالم، لتكون بذلك تجربة تنموية متميزة وفريدة. وذلك لم يكن ليتحقق لولا فضل الله تعالى، ثم صدق النوايا والإخلاص من قبل قادتها نحو ربهم ثم وطنهم ومواطنيهم. ويجب أن يكون المواطن هو رجل الأمن الحقيقي. وأن يقف أبناء الوطن جميعا جنبا إلى جنب في وجه كل معتد، أو فكر تخريبي يسعى للفساد أو الإخلال بأمن هذا البلد المبارك الذي ينعم بفضل الله بالاستقرار والخيرات والتطور. وتأتي مناسبة اليوم الوطني في ظل زخم وطفرة لبناء الإنسان السعودي فعلا وعملا. وأضحت المملكة من الدول العشرين المتقدمة اقتصاديا وفكريا. ولا أدل على ذلك من مشاركتها في كافة المحافل الدولية وصعودها إلى درجات التطور الذي أذهل العالم في ضوء سياسة اقتصادية حكيمة من لدن خادم الحرمين الشريفين. ومدن اقتصادية شكلت نقلة نوعية وحقيقية لنوعية العمل الجاد والذي قاد البلاد إلى بر الأمان خلال الأزمة العالمية الأخيرة التي مرت بالعالم. واليوم تقف آخر تلك الصروح المتوالية شاهدا شامخا على هذا التطور حيث تدشين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لتضع بذلك جسرا قويا للصعود نحو قمة التقدم، وتدل على بعد نظر خادم الحرمين الشريفين واستشرافه لمستقبل الوطن وأبنائه. ومن أبرز وأقرب المنجزات التي تحققت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صدور الاستراتيجية الصحية. ونسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل مكروه، وأن يديم علينا الأمن والأمان ، وأن يدحر كل من أراد بهذا البلد سوءا. * أمير منطقة جازان.