سمعت ذات يوم رجلا مكيا أو مكاويا، يصف شخصا بصفات المدح ثم توج مديحه لذلك الشخص بقوله «إنه منارة عائلته الكريمة»، فأعجبني وصفه للرجل بأنه منارة، وهذه الصفة أجمل عندي من أن يوصف رجل ما بأنه علم في رأسه نار أو علم بلا نار؛ لأن وصف الرجل بأنه منارة يحمل صفات عدة؛ منها أنه علم وأنه راقٍ بأخلاقه وأنه لا يصدر منه إلا الخير والهدى؛ لأنه منارة والمنارة لا يسمع منها إلا كلمات التوحيد والآذان وإقامة الصلاة وكل خير وهدى. وسمعت في وقت آخر رجلا يصف آخر -على سبيل الذم الشديد الذي لا يطاق- يصفه بعد أن يذكر أنه من عائلة طيبة مُحبة للخير والناس، ولكن ذلك الرجل المقدوح في أعماله وأخلاقه مخالف لما عُرفت به عائلته من صفات حميدة وكأنه ليس منهم، سمعت الرجل يصف الرجل الآخر الذي خالف عائلته في أخلاقها بأنها: طهارة بيت فلان! وقد وجدت في هذه الصفة أشد أنواع القدح والهجاء والتحقير، لأن كلمة طهارة في اللهجة المكية المحكية تعني دورة المياه، وأقذر ما في البيوت دورة المياه بها أو «الطهارة» أو «بيت الماء» في تسمية شعبية ثانية أو الحمام في تسمية ثالثة، وكلها تدل على شيء واحد لا يحسن وصف إنسان به وإلا كان ذلك الوصف من أشد وأنكى وأقسى ما يوصف به الإنسان، لأن الموصوف جُعل بهذه الصفة في موقع القذارة من المنزل وأنه في عائلته بمثل موقع دورة المياه في أي منزل، فانظر إلى شدة وقسوة مثل هذا الوصف؟! ولو تأمل الإنسان حياة الناس لوجد أنه يخرج من بعض العوائل رجال كرام يرفعون بعلمهم وفضلهم وعطائهم وتفوقهم، أنفسهم وأسماء عوائلهم وقبائلهم، بل ربما واكتسب بعضهم صفة عالمية في مجال ما، فيكون بذلك قد رفع اسم وطنه كله. والعكس صحيح فقد تكون هناك عائلة فاضلة رجالا ونساء، منهم العالم ومنهم الإداري الناجح والتربوي الفاضل ثم يخرج من بينهم مخلوق خسيس تعيس «رد سجون» فيصبح من العائلة الفاضلة في موقع الطهارة فتأمل الحياة والأحياء من حولك فقد تجد أن منهم المنارة ومنهم الطهارة؟!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة