بانقضاء افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (بيت الحكمة) البارحة الأولى، يبدأ فصل جديد لمدينة الرمال والبحر (ثول) في قصة سكانها الذين يتحولون مع الطفرة المعرفية من صائدي اللؤلؤ والصدف من أعماق البحار إلى صائدين للأفكار الشامخة بجناحيها في سماء عالم اليوم القائم اقتصاده على المعرفة. ورغم أن مهنة الصيد في ثول أخذت في الانحسار منذ تطور الحياة المدنية المعتمدة على التطور الصناعي والتكنولوجي، إلا أن التسمية الشهيرة لها ب «قرية الصيادين» ستتفاعل وتأخذ مسمى جديدا مع الواقع الجديد، باعتباره واقعا يعتمد على صيد الأفكار. وإذا كان السابقون من سكانها عاشوا على حلم العثور على اللؤلؤ داخل بطن السمكة، فالحلم الآن أصبح بالخروج بأفكار تنعكس على عوائد علمية واقتصادية واجتماعية ليس لأهل الدعيجة -كما كانت تعرف في الماضي- بل حلم ملك ومملكة. وقصة مدينة أول جامعة متخصصة في البحث العلمي على مستوى العالم، لا تختلف عن قصص بلدات ومدن اشتهرت بسبب جامعاتها التي قدمت للعالم بحوثا وابتكارات أسهمت في تطور أو الحفاظ على النفس البشرية، وحاز خريجها جوائز نوبل تكريما لدورهم، وللجامعات المنتجة والداعمة لهم. اليوم يدخل اسم ثول، التي تشتهر بأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم مرّ عليها في طريق هجرته من مكة إلى المدينة، ضمن قائمة أسماء المدن العالمية الشهيرة بأنها مدن للمعرفة مثل هارفارد وستانفورد وجامعة هونج كونج. وربما قريبا يسمع العالم أن باحثا من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في ثول، حاز جائزة نوبل، وربما في وقت قريب للغاية. وثول التي عرفت قواربها وسفنها موانئ واقعة في القرن الأفريقي المحاذية لساحل البحر الأحمر عبر تصديرها الصدف إلى ميناءي مصوع في أريتريا وسواكن في السودان في القرن ال14 الماضي، تعود للساحة التجارية بقوة هذه المرة، ومن بوابة الاقتصاد المعرفي.