«ثول» البلدة الصغيرة المتميزة بالوداعة على ساحل البحر الأحمر ، الناظرة على استحياء إلى الحركة الصاخبة في جدة على بعد 88 كيلو مترا فقط ، تنفض عنها ثياب الوداعة ، وتقفز إلى مصاف المدن السعودية قفزة سيذكرها التاريخ ويخلدها سفر الحضارة في المملكة ، فبعد صيد الأسماك ومواويل البحر ، وحركة المراكب البحرية الخجولة ، تحتضن «ثول» أضخم المنجزات التقنية ، وأمهر المختصين في بحوث العلوم التطبيقية ، وتتهيأ لتكون مقصد طلاب المعرفة ، وناشدي التعليم المتطور ، ولا غرو فبين جنباتها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية .. وهكذا تحول سكون «ثول» إلى صخب معرفي لايدانيه فيها أحد .. وتابع أهالي بلدة « ثول» بشغف مسار عملية التطوير التي بدأت قبل فترة حتى لحظة تدشين خادم الحرمين الشريفين امس الاول جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية تزامنا مع احتفالات المملكة باليوم الوطني. وتعد المرحلة الأولى من مخطط تطوير البلدة في حكم المنتهية ، فمشروع تنمية «ثول» يتزامن مع إنشاء الجامعة حيث أوشك العمل على الانتهاء من المرحلة الأولى من تطوير سريع شمل الكورنيش ومرافئ الصيادين، ومقر الحرس الوطني، وحرس الحدود، وبعض المرافق الترفيهية على البحر .. وأخذ في الحسبان عند التخطيط لمشروع التطوير التركيبة الاجتماعية للمنطقة والتطور السكاني، وتمدد مدينة جدة باتجاه ثول، إضافة إلى التركيز على توفير فرص العمل لأهالي المنطقة، حيث كان ذلك في مقدمة الأهداف إبان الدراسة التي أجريت لتنفيذ المشاريع. وثمة توصيات تأخذ في الحسبان رغبات سكان المنطقة، وتلبي احتياجاتهم، وقد تمت الموافقة على جميع هذه التوصيات وستنتهي المرحلة الأولى من المشروع خلال الشهرين المقبلين، بينما تشمل المرحلة التالية تطوير البنية التحتية مثل: الصرف الصحي وشبكة مياه الشرب والطرق والمدارس والمساجد، وبناء مستوصف ومركز تاريخي بغرض المساهمة بشكل كبير في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المنطقة، ليفتح ”المشروع” الباب لفرص استثمارية كبيرة في ثول وما حولها، حيث يتسع مرفأ الصيادين إلى نحو 180 قارباً، بينما تتسع مرافئ الترفيه البحري إلى قرابة 120 قارباً . ولا ريب في قدرة المشروع التنموي على تحويل بلدة ثول إلى مركز استثماري مهم، سينعكس أداؤه على مستوى حياة السكان، ويؤدي إلى رفع مستوى المعيشة، خاصة أن معظم السكان يعملون في مهنة صيد الأسماك ، وقد اعتمدت شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني وهي شركة تملكها أمانة جدة؛ مساحات كبيرة من الأراضي لاستثمارها وإقامة مشاريع تنموية ذات أثر ملموس تنفيذاً لتوجيهات أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل من خلال مبادرته لتقدم مدننا نحو العالم الأول، وقد بدأت أمانة جدة بالفعل في العمل على تحديد بعض هذه الأراضي وتسويرها وتهيئتها لإطلاق المشاريع التي ستقوم عليها بمساحة مليون متر مربع مجاورة للكورنيش، حيث ستقام عليها ضاحية معرفية ومدينة سياحية بمرسى خاص للرحلات البحرية . وتعمل أمانة جدة على إنشاء وحدات سكنية متكاملة الخدمات متوافقة مع النهضة العمرانية التي تشهدها « ثول» بعد إنشاء جامعة الملك عبد الله، ومن هذه المشاريع: إقامة كورنيش جديد، وسوق للصيادين وحديقة مفتوحة، وممشى بطول 2000 متر وعرض 400 متر، وسيتم بناء متحف ومركز ثقافي في موقع السوق نظراً لتوفر مبان تاريخية .. ومن أهم المشاريع التي ستقام بالقرب من « ثول»مدينة الملك عبد الله الرياضية « والتي تم اختيار موقعها بدقة بهدف تسهيل الوصول إليها من مدن المنطقة كافة، كما تدرس الأمانة إنشاء منطقة صناعية شرقي الخط السريع بثول، تقدر مساحتها ب ( 9 ) ملايين متر مربع بهدف جذب الاستثمارات الصناعية، والتي ستمكن سكان المنطقة من إيجاد فرص عمل متعددة. ويعم التفاؤل بمستقبل مشرق واعد أهالي « ثول» مستبشرين بالإنجازات الكبيرة التي تحققت في منطقتهم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وعلى سبيل المثال شهدت البلدة عودة المئات من أبنائها بعد رحيلهم عنها طلبا للعمل . والجامعة الجديدة بمشاريعها التي تحف بها في المنطقة تمثل تحولاً اقتصادياً وتاريخياً سيحول « ثول» إلى واحدة من أهم المناطق في المملكة، حتى أن مهنة الصيد التي مارسها سكان « ثول» عبر التاريخ ستشهد هي الأخرى ازدهاراً كبيراً في ظل المرحلة القادمة ، كما أن مشاريع «ثول» قد أنعشت اقتصاديات البلدة بشكل لافت،..والوضع المعيشي للأهالي بدأ بالانتعاش منذ الإعلان عن إنشاء جامعة الملك عبد الله والكثير من شباب البلدة وجدوا الفرص العملية التي أتاحها وجود عشرات آلاف العمال إبان مرحلة الإنشاء حيث امتهن بعض الشباب العديد من المهن أقلها تأجير المنازل وافتتاح مراكز بيع المواد الاستهلاكية إضافة إلى تأجير المعدات وتشغيل العربات والسيارات وافتتاح المطاعم والبوفيهات.