23 سبتمبر من كل عام هو يومنا الوطني وعيد من أعيادنا نحن في هذا الوطن لأنه يمثل يوم وحدة ترابنا ولم شملنا، بل هوية لنا تجمع كل الذين يعيشون في هذه البقعة المحددة جغرافيا بحدودها الدولية المعروفة. البعض لا يعجبه أبدا الحديث عن عيدنا الوطني، والبعض «يحرم» هذا العيد تحت حجة الحديث حول الأمة وليس الوطن ناسيا ومتغافلا عن كل ما جرى في الجغرافيا والتاريخ وتكوين الشعوب والأوطان وناكرا لسيادة الدول والأوطان في ظل الواقع الدولي الراهن. هؤلاء لم يستوعبوا بعد أن خدمة الأمة سواء أكانت «عربية أو إسلامية» والإعلاء من شأنها يأتي عبر الإعلاء من شأن الوطن أولا، فالواقع هنا وعلينا جميعا أن نثبت أن وطننا يساهم في الفعل الحضاري للوطن والأمة معا وذلك عبر الحرص عليه والعمل من أجل الإصلاح والتطوير والتقدم والبناء. يومنا الوطني هو اليوم الذي جعلنا ننتمي إلى بعضنا من هم في الشمال أو الجنوب، الشرق أم الغرب ننتمي لهذه القبيلة أو تلك أو تلك الطائفة أم تلك. والعالم جميعه بما فيه الدول العربية والإسلامية كله يتعامل مع أي منا على أساس هذا الانتماء وهذه الهوية. اليوم الوطني هو عيدنا الذي لا بد فيه من أن نعاهد أنفسنا على رفعته وجعله وطنا متقدما وفاعلا إيجابيا ومساهما حضاريا في بناء وتقدم البشرية من خلال الإبداع والبحث العلمي والاختراع والابتكار والإدارة الحديثة والإخلاص في العمل وخدمة المواطنين. وعبر هذا الطريق نعلي من قدره وعزته وبقائه. لا أحد يستطيع المراء في كون بلادنا هي موطن الإسلام وحاضنة الحرمين الشريفين ولا أحد ينكر الدور الخاص الذي تلعبه بلادنا في المجال الإسلامي والعربي. لكن هناك من يريد لبلادنا وإسلامنا أن تكون شبيهة بأفغانستان طالبان همها الأول تدمير التراث الإنساني وعداء العالم والتخلف عن الركب الحضاري والتقدم الإنساني. لكن خادم الحرمين الشريفين وبهذه المناسبة الوطنية التي قرن فيها هذا العيد بافتتاح صرح علمي عظيم هو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية يرد هنا بكل وضوح على أولئك الذين يريدون لإسلامنا وبلادنا أن تكون عالة على الآخرين في كل مجالات الحياة. وهو هنا يقول بكل وضوح إننا قادرون على الفعل الحضاري وصناعة التقدم وذاك ما سيعلي شأن الوطن والإسلام في آن. وذلك عبر هذه الجامعة القائمة على مبادئ أساسية منها إنشاء مجتمع دولي من العلماء يكرسون جهودهم للعلوم المتقدمة وتوفير الحرية للباحثين وللإبداع والتجريب وتوفير حرية الحصول على المعلومات وتبادل المعارف والخبرات لتحقيق النمو والازدهار واحتضان وحماية حرية البحث والفكر والنقاش في كل ما يتعلق بالعمل العلمي.. هذه الجامعة التي جسدت عبر محاورها الاستراتيجية الأربعة احتياجات بلادنا والتي من خلالها نستطيع البناء والسير في خطى التقدم بدءا من الموارد البشرية والطاقة والبيئة مرورا بالعلوم والهندسة البيولوجية وكذلك علوم هندسة المواد والرياضيات التطبيقية وانتهاء بالعلوم الحاسوبية، وذاك بالطبع ما يحتاجه مجتمعنا وبلادنا من أجل توطين التقنية لتصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا وعملنا وعلمنا وإدارتنا الحديثة. خادم الحرمين الشريفين بإصراره على تحقيق هذا الحلم الكبير والاحتفاء به وبالوطن في ذات اليوم يريد أن يقول لكل المشككين والمترددين إن الطريق الصواب لبناء بلد من التسامح متقدم ومساهم مع بقية العالم المتقدم هو طريق البحث العلمي ومشروعية السؤال والتقصي والبحث وكذلك طريق الحوار وهو أب الحوار الوطني وحوار الأديان. إنه بهذا المنجز، يريد أن يقول إن بناء الأوطان لا يأتي عبر الاستعراضات العسكرية والخطب العنترية، بل عبر افتتاح جامعة جديرة بوضعها في مصاف أعلى الجامعات في العالم. وعبر حث جميع أبناء الوطن للاحتفاء بهذا الحدث الحلم يدعو جميع أبنائنا إلى اختيار طريق العلم والمعرفة والإبداع. المعيار بالنسبة لخادم الحرمين الشريفين هو معيار العلم والمعرفة ونبذ الشعوذة والخرافة والدجل وعلى أبنائنا أيا كانوا وبغض النظر عن انتماءاتهم «الضيقة» الأخرى التي لا زال البعض يتشبث بها أن يقتحموا هذا الطريق ليحققوا رفعة بلادهم ودينهم لتصبح الكفاءة والقدرة هي المعيار لا المحسوبية والمنسوبية والواسطة والفساد. إنه بالفعل يوم الوطن، الذي نتمنى أن يكون في كل عام يحتفل بمنجز عظيم ينتمي للحياة وينتمي للبناء والتقدم والعطاء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 193 مسافة ثم الرسالة