أرجع عدد من المختصين ارتفاع أسعار السلع في المراكز التجارية في شهر رمضان لضعف الرقابة، ولجوء بعض التجار لتخزين البضائع واحتكارها، وأكدوا أن أفضل أسلوب لكبح غلاء الأسعار، هو التشديد على السلع الاستهلاكية المحتكرة من قبل فئة معينة من التجار مثل المواد الغذائية والسلع الأساسية، بإلغاء نظام الوكالات التجارية أو تعديله مما يؤدي إلى استئصال الاحتكار وتنوع استيراد السلع من دول مختلفة. وترى أم يزيد من مكة أن سبب استنزاف الأموال في شهر رمضان هو عدم التخطيط الجيد لميزانية الأسرة، حيث لا يتم تجديد المنزل وشراء المستلزمات واحتياجات الشهر وملابس وحلوى العيد إلا في شهر رمضان مما يشكل ضغطا كبيرا واستنزافا حقيقيا للأموال، وبالتالي يصبح ضغطا على عاتق أولياء الأمور، وقالت: يجب أن يكون هناك ترتيب مسبق حتى لا يكون هناك عبء على الأهالي، إذ إن هناك متطلبات من الممكن شرائها قبل حلول شهر رمضان كالماكياج والعطور والإكسسورات وملابس العيد، فهذه المتطلبات لن تفسد، علما أن هناك بعض المشكلات التي تواجه أولياء الأمور مثل تعطل الشبكات وهذا نتيجة للضغط الكبير الذي يحصل خلال الشهر. وقال أبو علي من جدة: كان الله في عون جميع الأهالي فلقد كثرت متطلبات أبنائنا ومهما فعلنا لهم يعتبروننا مقصرين خاصة مع ارتفاع أسعار مستلزماتهم من ملابس وإكسسوارات. اشتري السلع قبل رمضان وقالت سارة من جدة أحرص على تحضير احتياجات العيد من بداية شهر شعبان، وإذا نسيت أية سلعة أوفرها في رمضان، وبالنسبة لمتطلبات العيد فوالداي يقومان بتوفيرها لي مع مراعاة الأخذ بالأهمية. أما مريم فإنها لا تشتري متطلبات العيد إلا في شهر رمضان، وقالت إن جميع المحلات العالمية تعرض موديلاتها الحديثة في شهر رمضان أي قبل العيد، فلهذا يجب علينا أن نستسلم ونشتري مستلزماتنا بأسعار مرتفعة في شهر الخير. وتقول أم سحر: لا داعي للاستغراب فهذه سياسة تجارية ويجب أن نرضخ للأمر الواقع فلا يوجد لدينا بديل، علما بأن قبل شهر رمضان تكثر التخفيضات ولكن لا أجد ما يناسبني. وقال رجل الأعمال داود بن داود: مثلما رفع التجار أسعار المواد الغذائية في غرة رمضان، أيضا عملوا على رفع أسعار متطلبات العيد، ويرجع ذلك إما لاحتكار التجار في بعض المتطلبات أو لقلة توافرها في الأماكن الأخرى. وأضاف إن متطلبات الحياة في السابق تختلف عن الوقت الحالي، ويعد السبب الرئيسي في كثرة متطلبات العيد هو نمط الحياة المختلفة، ففي الماضي كان الناس يرضون بالشيء القليل، أما الآن فكل شخص يود الحصول على أكبر عدد من القطع المختلفة من الملابس وغيرها من متطلبات العيد، بالإضافة إلى متابعة الكثيرين من الأبناء والأهالي إلى الموضة وآخر كل ما هو جديد، ولو نظرنا لما حولنا لوجدنا أنه بالإمكان شراء ملابس وعطور وغيرها خلال العام، فالمتطلبات متواجدة على مدار العام، وبذلك يسهل على العميل أن يقوم بتوزيع مشترياته وتنظيم ميزانيته». غلاء السلع وقال عصام مصطفى خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودي، تشهد السلع الضرورية والكمالية بمختلف أنواعها في أسواق المملكة خلال شهر رمضان ارتفاعا ملحوظا في أسعارها، حيث تقفز أسعار بعض السلع بنسبة تفوق 30 في المائة، وبالتالي فإن أسعار بعض السلع تجر وراءها أسعار سلع أخرى بديلة أو مكملة، كما أن بيع السلع المغشوشة والمقلدة يعد ظاهرة خطيرة وهي ليست بالجديدة في السوق السعودية وتعتبر حصيلة طبيعية لانفتاح السوق تجاريا واقتصاديا على دول العالم، ولقد امتلأت هذه الأسواق بالمئات من البضائع والسلع المقلدة رخيصة الثمن التي تقدر ب 4 مليارات سنويا وتتكبد خسائرها السوق السعودية، بالإضافة إلى استغلال بعض التجار للإقبال الكبير لمشتريات ببيع السلع المنتهية الصلاحية أو التي على وشك انتهاء صلاحيتها، فكل الدلائل تشير إلى انخفاض الأسعار عالميا نتيجة إلى انخفاض أسعار النفط بنسبة أكبر من 100 في المائة، وبالتالي انخفاض تكلفة الإنتاج التي أدت إلى انخفاض سعر السلع المنتجة، والأزمة المالية العالمية أدت إلى انخفاض الطلب على معظم أنواع السلع الضرورية والكمالية وبالتالي إلى انخفاض أسعارها، ومن هنا نلاحظ بأن أسعار معظم السلع انخفضت عالميا بشكل ملحوظ إلا هنا في المملكة فلم تنخفض إلا بنسبة بسيطة جدا فكل ذلك بسبب استغلال بعض التجار المحتكرين لبعض السلع والتحكم في أسعارها، ويمكن تلمس ذلك بتباين أسعار نفس السلعة من محل إلى آخر بنسبة 10 إلى 30 في المائة، مستغلين في ذلك الإقبال الشديد من المستهلكين على الشراء. وقال إن ارتفاع الأسعار يرجع لغياب الدور الملموس من وزارة التجارة لحماية المستهلك لضعف إمكانياتها المادية والبشرية، وضعف نظام الحوافز التي تحد من دور أجهزة الوزارة، وبالتالي ضعف الرقابة على أسعار السلع أو تاريخ صلاحيتها، بالإضافة إلى عدم وجود الصلاحيات لدى جمعية حماية المستهلك وعدم قدرتها على توحيد وتكاتف المستهلكين لمواجهة التجار وإرغامهم على تخفيض الأسعار، والمنطق الرياضي يقول يجب أن يكون حجم المصروف اليومي في رمضان أقل بكثير من حجم المصاريف في الأشهر الأخرى، وحسب تقديرات مختصين فإن إنفاق الأسر السعودية على الطعام والولائم تتزايد خلال شهر رمضان بنسبة تتراوح بين 40 إلى 60 في المائة عن بقية أشهر السنة، وتذهب 40 في المائة من الوجبات التي يتم إعدادها إلى صناديق النفايات. وناشد الخليفة وزارة التجارة لمراقبة الأسعار في الأسواق بطريقة دقيقة والتشديد على السلع الاستهلاكية المحتكرة من قبل فئة معينة من التجار مثل المواد الغذائية والسلع الأساسية التي لا يستغني عنها المواطن، وطالب بإلغاء نظام الوكالات التجارية أو تعديله مما يؤدي إلى استئصال الاحتكار وتنوع استيراد السلع من دول مختلفة. وللمستهلكين دور جوهري في خفض الأسعار، فرمضان هو شهر الصيام عن الأكل والشرب وصيام النفس عن الشهوات، لذلك يجب عليهم تغيير العادات الشرائية السيئة في رمضان إلى عادات إيجابية حيث يفترض أن يكون حجم المصروف اليومي في رمضان أقل بكثير من حجم المصاريف في الأشهر الأخرى. حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه».