عندما كان الظلام يسود الشوارع والأزقة في المدن والقرى التي كانت شوارعها تضاء بمصابيح الكيروسين والأتاريك، كان الخيال الشعبي يزخر بالحكايات والأساطير مثل حكاية «الدجيرا»، وهي امرأة يخوف بها الأطفال وأنها تخرج ليلا لمص دماء ضحاياها وأن رأسها رأس عنز ورجلاها حوافر حمار، ولم يكن تصديق الأساطير قاصرا على الصغار بل حتى بعض الكبار كانوا يصدقون مثل هذه الترهات، وقد كان المجتمع قبل نصف قرن معذورا؛ لأنه مجتمع منغلق والحياة فيه بسيطة والأمية متفشية وإذا رأى الواحد منهم شيئا غير عادي فإنه يجن!؟ ولكن كيف لمجتمعنا الذي دخل عصر العلم والنور أن يستمر في تتبع الدجل والخرافات وتصديق كل ما يشاع ويقال وكأنه حقيقة لا تقبل الجدل، ومثال على ذلك ما ينشر في الصحف المحلية بين حين وآخر عن نيران تطارد مواطنا أو مقيما من منزل إلى آخر وكلما سكن في دار شبت في جنباته النار دون معرفة لمصدرها وفي كل مرة تقتصر الأضرار على حرق فراش أو شيء بسيط من الأثاث تاركة آثارها على الجدار، ومثل هذه الأخبار توحي للقارئ بأن الجن جماعة «الدجيرا» هم الذين يقومون بإشعال النار وإفزاع الصغار والكبار الساكنين للدار، وكل ذلك كلام فاضٍ لا أساس له من الصحة، وإنما هي حرائق مفتعلة، يكون وراءها صاحب الدار نفسه لجذب الانتباه إليه واستدار العطف عليه، أو يكون ذلك صادرا عن مرض نفسي يعاني منه أحد أفراد الأسرة التي تسكن فيها الدار أم النار!، أو يكون الفاعل جارا أراد أن يجبر الساكن على الرحيل لعدم رغبته في جواره، أو صاحب عقار «بلط» المستأجر في إحدى شقق عمارته دون أن يدفع الإيجار فأراد تخويفه بزعم وجود جن يشعلون في شقته النار، أو غيرها من الأسباب المعقولة المفهومة، ولكن لأن بعض العقول لم تزل تعيش في زمن «الدجيرا» فإنها سوف تصدق مثل هذه السخافات، لا سيما أن صحافة الوعي تساهم في تزييف الوعي وسلامتكم!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة