لم يدر في ذهن المعتمر المصري الذي أتى برا إيهاب عبد العظيم «50 عاما» أنه سيتعرض إلى مشكلة أثناء تواجده وأسرته في العاصمة المقدسة بعد أن فقد مبلغا ماليا كبيرا كان بحوزته للصرف منه على إقامته واحتياجاته أثناء أدائه مناسك العمرة. اصطدم إيهاب بهذه المشكلة التي مني بها خلال هذه الرحلة، وظل يبحث عن الجهة التي يبلغها عن ما فقده، وبدا في حيرة من أمره في كيفية وصوله وأسرته إلى بلده، إلى أن استدل على مكتب مؤسسة هدية الحاج والمعتمر عن طريق أحد أفرادها الميدانيين، والتقى مدير المؤسسة منصور العامر، الذي استوضح حالة المعتمر، ثم منحه تذاكر سفر له وأسرته ومبلغا ماليا لسد احتياجاته الأخرى. نماذج مشرقة هذه الحالة ليست واحدة بل صورة من النماذج الخيرية التي تقدمها هذه المؤسسة والتي تسعى بكل حشودها وطاقاتها إلى إعانة ضيوف الرحمن والمعتمرين على أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة، إضافة إلى تزويدهم بالجرعات التوعوية والإرشادية ومد يد العون والمساعدة للضعفاء، والعجزة، والأطفال، سواء بالغذاء البدني أو الروحي. ساحات الحرم وأروقته وأدواره الثلاثة تمتلئ طوال شهر رمضان بأفراد هذه المؤسسة وأعضائها لتسجل شهادات عرفان لجهودهم حيث تعتبر أول مؤسسة خيرية أنشئت لهذا الغرض، ويبقى التعاون السمة السائدة في عملها إذ أنها تشارك مع الرئاسة العامة لشؤون الحرمين وقوات الأمن داخل الحرم المكي وخارجه في توزيع الوجبات وإرشاد التائهين وإعانة المحتاجين وغير ذلك. تغيير الصورة وحينما يتبادر إلى الذهن مساعدة أو إفطار صائم من مؤسسة خيرية، فإن مايتبادر إلى تفكير الكثيرين ليس أكثر من مجرد كيس صغير يحتوي حبات تمر وكأس ماء، إلا أن هذه المؤسسة كسرت القاعدة التي ألفها كثيرون من الناس وغيرت الصورة المرسومة لدى الكثيرين ففي وجبة الإفطار التي توزع على المعتمرين وقاصدي بيت الله الحرام تمد المؤسسة بأكثر من 1700 وجبة متميزة في صندوق متوسط الحجم يحتوي تمرا فاخرا منزوع النوى محشوا بالشيكولاته أو النارجيل، قارورة ماء بارد، سلطة فواكه، فطيرة، عصيرا وكمامة ذكية للأنف، هذا فيما يتعلق بالوجبات في ساحات الحرم أما في داخله فيتم التنسيق مع إدارة الفرش في رئاسة شؤون الحرمين لتوزيع التمر والقهوة على المصلين بواسطة فريق عمل مكون من 850 شابا بالإضافة إلى العاملين الرسميين الذين يتجاوزون الألف، ولم يقتصر التوزيع على الحرم فقط بل امتد إلى مداخل مكةالمكرمة من مختلف الجهات. وتنظم المؤسسة برامج متنوعة جنبا إلى جنب مع التغذية والإعانة وتفريج الكربة.. ومن هذه البرامج الترجمة بين المفتي والمستفتي وبين الطبيب والمريض كسرا لحاجز اللغة الذي يمثل عائقا أمام كثيرين من الحجاج غير الناطقين بالعربية، وكذلك التوعية حول المسجد الحرام، وإرشاد المعتمرين إلى الحرم ومساكنهم. وفي هذا السياق يقول مدير المؤسسة: لدينا برنامج مكثف لتوزيع وجبات كبديل للسحور بالتعاون مع مرور العاصمة المقدسة ليلة 27 لمنع وتخفيف التدافع الذي يحصل بعد صلاة القيام عند سيارات النقل العام، ونتواجد أيضا بكثافة في المناطق الواقعة مقابل باب الملك فهد، الملك عبد العزيز، وشعب علي، مبينا أن المؤسسة وفرت سيارات إسعاف «جولف» لنقل المرضى من داخل وقف الملك عبد العزيز إلى المستشفى الواقع في الدور 11 وسيارات مثلها لنقل كبار السن والعجزة إلى المسجد الحرام. وأضاف العامر: نستقبل الراغبين في شراء زكاة الفطر وكذلك فدية المعتمر لتوزيعها على فقراء مكة، موضحا أن المؤسسة خصصت أماكن لإيواء التائهين من الأطفال وكبار السن من الرجال والنساء في مقر نموذجي بالتعاون مع الجهات الأمنية، فيما يتلقى الأطفال عناية فائقة من خلال فريق عمل مكون من عدد من الجامعيات السعوديات المتخصصات في رياض الأطفال، ويحتوي المقر المخصص للأطفال على صالة ألعاب وفصل دراسي وطاولة رسم وتلفزيون لمشاهدة أفلام الكرتون، لافتا إلى أن الكثير من الأطفال لا يرغبون في الخروج من المقر مع ذويهم بعد العثور عليهم، موضحا أن المؤسسة تتلقى الأطفال فور وصولهم إلى المسجد الحرام مع ذويهم لتعليق أساور يكتب عليها عناوين والد الطفل تسهيلا لعملية الحصول عليه إذا تاه داخل الحرم أو خارجه. تعليم العبادات كما أن لدى المؤسسة برامج أخرى مثل تعليم الصلاة في المصليات المجاورة للحرم حيث تختار عددا من طلبة العلم لأداء هذه المهمة وكذلك تعليم الوضوء وقصار السور وبعض المعلومات الإرشادية التي تستقيم بها صلاة المعتمرين غير الناطقين بالعربية، وكذلك برنامج الابتسامة ويهدف إلى نشر هذه السنة المحمدية والبشاشة في وجوه المعتمرين كنوع من الاستقبال لضيوف بيت الله الحرام، ثم نختم البرامج بالمعايدة وهي عبارة عن تقديم التمر في الحرم في أدواره الثلاثة وساحاته منذ إعلان العيد، وبعد الصلاة يتم توزيع هدايا العيد على المعتمرين وهي عبارة عن حلويات فاخرة من الماركات الشهيرة وبطاقة معايدة وكذلك برنامج إحياء سنة التكبير سواء في الحرم أو ساحاته بواسطة الشباب المشاركين في المؤسسة، كما أن هناك هدية لأكبر معتمر سنا وكذلك برنامج مليون سلام الذي دشنه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بعد غسيل الكعبة المشرفة ويهدف إلى إحياء سنة السلام وكسر الوحشة وحاجز الغربة بين المعتمرين. عربات الإسعاف كما أن لدى المؤسسة برنامج متابعة الإمام وفيه يتم توفير عدد من السماعات الكبيرة التي تستند إلى عربات في المناطق التي لايصل إليها صوت إمام التراويح في الحرم لتبقى الصفوف متصلة ببعضها صوتا وصورة ويستفيد من هذا البرنامج حوالى 175 ألف مصل ليلة 27 ويهدف هذا البرنامج إلى تخفيف الزحام الحاصل في الحرم بتوفير أماكن يصل إليها الصوت بعيدا عن الحرم. كما توفر المؤسسة وجبات للمتعاونين مع القطاعات الحكومية عبارة عن تحفيز بسيط لهذه الفئة المتميزة. تحفيز الشباب يشرف على المؤسسة الرئيس العام لشؤون الحرمين الشيخ صالح الحصين ونائبه خطيب المسجد الحرام الدكتور صالح آل طالب وعضوية إمام الحرم الدكتور عبد الرحمن السديس ووكيل وزارة الحج حاتم قاضي وعدد من أعضاء هيئة التدريس في جامعة أم القرى، كما تقدم المؤسسة برامجها بالتعاون مع لجنة الرفادة والسقاية التي يرأسها فخريا الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وتسعى المؤسسة لتفعيل برنامج «صنعة أبوك» وهي عبارة عن استقطاب شباب مكةالمكرمة في هذا العمل المبارك امتدادا لما كان عليه آباؤهم وأجدادهم من قبل، حيث يتم تسهيل إجراءات الانضمام لفريق العمل سواء بأجرة أو بغيرها ويتاح للشاب تحديد وقت الدوام ويقبل اعتذاره فيما لو اضطر إلى ذلك، حيث شارك في هذا العام مجموعة كبيرة من صغار السن في خدمة كبار السن من الرجال والنساء.