كحبات عقد من ألماس، ينفرط هذا الشهر، وما أعد له، وما أعد فيه: الصخب الذي أنشئ، الجنون الذي استحدث، الفنانات اللواتي أتخمن عمليات تجميل تواري قبحهن/قبحنا، الديكورات التي ملأت مسارح مدننا الزائفة، الممثلون الذين أجادوا الاستهبال أكثر من أي أمة أخرى، المنتجون الذين أتخمونا بعدا عن رمضان، واتخموا جيوبهم نقودا وعقودا. يكاد يتصرم حصاد هذا الشهر، دون مناجل حصاد، ولا سرب جراد. أنهكوا أراضيه بأسمدة المادية السامة، زرعوه فجلا وبصلا فاسدا، شتتوا انتباه فلاحيه، حولوا مجاري مياهه العذبة الروحانية إلى أراض بور وطرقات عامة، تفسد ولا تصلح شيئا. ولسنا بخارج مسؤولية ما يحدث، لو لم يجدوا مجتمعا فارغا، لما أنتجوا شيئا للتعبئة. مشكلة حيز الفراغ، قبوله لأي مادة امتلاء. أن تكون فارغا، يعني أن لا تحدد نوعية التعبئة. *** هذه الليلة، تبدأ العشر الأخيرة، ننصب سرداقات عزاء الضيف الذي للتو أعددنا خيام استقباله، نعلق عقود إضاءات التأبين، بدلا من فوانيس الترحيب والتهليل. هي ذي الحياة، ماضية لا وقوف، متغيرة لا ثبوت، سوى فكرة الرحيل. فكرة الرحيل وحدها .. الثابتة، وما عدا ذاك، رحيل يتلوه رحيل، وموسم يعقب موسما. ماذا قدمنا، وماذا أخرنا، سؤالان يمتدان بامتداد العمر. الجدير بالذكر: هذان السؤالان، لا يحتاجان لإجابات تحريرية ولا شفهية منا، لا لمراوغة اللفظ، ولا لتراكيب العبارات، هذان السؤالان: ماذا قدمنا، وماذا أخرنا.. وحدها «أعمالنا» من تملك أحقية الإجابة عليهما. [email protected]