عندما جاءني خبر على الجوال عنوانه: المملكة الثالثة عربيا، غمرتني فرحة عارمة، إذ توقعت أن تحتمل المملكة بتراثها وثرائها، مواقع متقدمة دائما في كثير من المجالات، إذا ما قوزنت بكثير من دول المنطقة، لكن فرحتي انقلبت غما وحزنا وكدرا حين قرأت تكملة الخبر ونصه: «احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثالثة عربيا في الطلاق بعد مصر والأردن» ثم ساق الخبر تفاصيل تتعلق بأسباب الطلاق وموجباته من خلال دراسات قامت بها بعض الجهات البحثية. إذن.. المملكة لم تحقق هذه المرتبة المتقدمة في مجال النمو الاقتصادي، ولا التقدم العلمي، ولا في محاربة البطالة، ولا في القضاء على الأمية، ولا في الإنتاج، ولا في التصوير، ولا في تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية، وبالطبع لا في التصنيع العسكري ولا التكنولوجي.. إلخ. ومنذ سنوات قليلة، نشرت إحدى الفضائيات تقريرا عن وضع المرأة في الخليج أفادنا أن ما يزيد على 30 في المائة من النساء السعوديات مطلقات، ولم ينتبه أحد إلى خطورة هذه الإحصائية، وربما اعتقد البعض أن ذلك من قبيل التعريض بالمملكة والإساءة إليها، مع أن جهاتنا المعنية في الوزارات والهيئات المختلفة ذات العلاقة بالأمر، ينبغي أن تكون لها إحصاءاتها الدقيقة الخاصة بمثل هذه الظواهر والدفع بها للمتخصصين في الدراسات الاجتماعية والنفسية من أجل تحجيم الظاهرة وتقليصها، وإن كان من المسحتيل القضاء عليها، لأنها جزء لا يتجزأ من ديننا وعقيدتنا، وأمر شرعه لنا الخالق لعلاج المشاكل الأسرية التي يستعصي حلها. وأسباب الطلاق في اعتقادي، ومن خلال معايشتي للمجتمع بمختلف طوائفه، عديدة ومتباينة، لكن أبرزها عدم الاتفاق بين الزوجين، وهو ثمرة من ثمار إتمام زيجات عصبية وقبلية، بل وذات أهداف اقتصادية، أضف إلى ذلك تدخل الأهل وعدم استقلالية الزوجين في حياتهما وإقامتهما، والتحريص من قبل أنصار هذا وتلك. ولعل من أبرز الأسباب الكامنة وراء ازدياد ظاهرة الطلاق هو عدم التكافؤ بين الزوجين، فكريا وعمريا، ولا نعدم وجود الفقر خلف عديد من حالات الطلاق. كلها أسباب في اعتقادي غير مستعصية الحلول، ولا يمكن لأي حكومة أن توفر الحلول لمنعها، كما تفعل مع مشاكل المياه والطاقة ونحوها، وبداية الحل كما أراه يتمثل في إعادة تأهيل الشباب بجنسيه لتفهم معنى الزواج ومتطلباته، حقوقه وواجباته، وإدراك المعنى الحقيقي وراء الرخص التي أباحها الله تعالى للرجل، وللمرأة أيضا، ثم تغيير مفاهيم جيل الآباء تجاه الأبناء، على أن يتركوا لهم بنين وبنات مساحة أكبر من الحرية في اختيار شريك الحياة، مع توجيه سديد وإرشاد قويم، لا يحمل في ثناياه تهديدا وإجبارا، بقدر ما يحمل تعبيرا عن خوف جيل الآباء على الأبناء، وحرصهم التام على سعادتهم وأمنهم وأمانهم. والله يستر علينا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة