ترى بين شارع قابل بإرثه الثقافي وثقافته الرمضانية وبيت نصيف التاريخي وسوق المحمل بمقاهيه الحديثة، المثقفين والإعلاميين، بين محب للشاي المغربي ومتذوق للبليلة البلدية، وكأنما قد ولدوا من جديد، فتخالهم كمن يصارع الشرنقة للعودة من دائرة الحداثة إلى تراث الأجداد والعادات الرمضانية. شارع «قابل» رغم بساطته إلا أنه بازار للثقافة الجداوية الرمضانية، بما يتوافق مع معالمه ورمزيته التاريخية، فهو يبدأ بمحل للتمور وينتهي أمام بازار للحوم والخضراوات ومحلات الخياطة، وكل هذه المحال لا تزال تحتفظ بتصاميمها المعمارية القديمة المطرزة بالرواشين رغم أيادي العابثين، إلا أن هذه العبثية لم تطمس أجواء السوق وعبقه التاريخي والثقافي الذي عززته أمانة جدة بالتنقيب عن الآثار وافتتاح بيت نصيف أمام النظارة بمقتنياته وأعمال الفنانين التشكيلية والفوتوغرافية، لكن رغم تعزيز ثقافة المكان من قبل الأمانة، ما زال هناك من يسأل عن مصير الكبدة التي تتزين بها دهاليس الشارع. الرؤية البصرية الشارع كل ما فيه يرمز لإرث ثقافي كتب عنه مثقفو جدة أمثال الدكتور عبد الله مناع ومحمد صادق دياب وغيرهما، فالثقافة البصرية فريدة أينما حل بصرك، فرواشين المباني فريدة من نوعها كما هو الحجر المنقبي الذي بنيت به هذه المباني، لعل مشروع أمانة جدة المقبل في التعاون مع بيت التشكيليين في إعادة توجه الرؤية البصرية بالرسم وإقامة المجسمات التي بدأت بورشة فنية أقيمت أخيرا في جدة يحفظ للأجيال المقبلة هذه الرؤية البصرية الفريدة. الصحافي جزاء المطيري, يرى أن ليالي رمضان لا تزدان إلا بالتجول في أروقة المنطقة التاريخية والاستمتاع بعبق التاريخ والتراث، وقال: «كثيرا ما نتسامر أنا وزملائي الإعلاميين وعدد من المثقفين في منطقة البلد لأنها تمثل لنا الشيء الكثير». ويرى الباحث الدكتور زيد الفضيل أن الأنشطة وسط البلد تزيد من ارتباط الإنسان بماضيه. وقال: «إن ليالي رمضان في البلد لها نكهتها الخاصة لاسيما أنها تعد نقطة التقاء للكثيرين من المثقفين والإعلاميين».