عرفت دوما حس التراجيديا، مذ كنت طفلا، ولذا أجدني دائما للحزن أقرب، مع كون دمعتي تخونني حين لا أريد، و تتأبى نزولاَ حين الحزن الجماعي يصنع ذلك. تلك اللحظة، أجدني أقرب الناس للقسوة، أجدني منكرا ما يحدث، أراه تمثيلا، أحسبه دورا مسرحيا تربيه فينا النساء اللواتي قمن على تحميمنا بدموعهن منذ البدء. في لحظة انطلاق آهات الحزانى، انحدار دمعات الباكين، ولولة الفضاء بموجات النواح، أجدني أستحيل لكائن من خشب جاف، لا يعنيه الأمر، ولا يمثل له دور الحزن الآني أي شيء. وأحاول التمثيل، أحاول المشاركة بدور كومبارس بسيط في جوقة الحزن الجبرية هذه، كي لا أرمى ببلادة الحس ودناءة الطبع وقلة المروّة: «ألا تحزن لمصابنا يا وغد». هكذا تقول لي أعينهم/أعينهن. والأمر كما أعتقد، عائد لكرهي مجاراة العام في طبع المجاملة. وعلى النقيض من هذا، رب موقف يفغرون منه ضاحكين، فتدهشهم دمعة تتحدر قسرا من عيني، والأمر في هذا كثير. لعبة النقيض الحزنية ذي، يخففها أكثر: أني لا أشارك المجموع في أمره كثيرا، وأني لاختيار من أجالس أكاد أكون محددا بسيطا. وفي رمضان، حيث يرتل إمامنا الكثير من آيات الله، بخشوع ووداعة، ولا تحس بأحد، ولا تسمع للمصلين ركزا، سوى نحنحة وشيء من عطاس. حتى إذا أخذت الصلاة في آخرها، ورفع الشيخ يديه داعيا الله، بأدعية ما شرعها محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نص بها، ولا تواترت والأمر في سعة ، سمعت للمصلين صهيلا من الحزن، وعواء من البكاء، وكثيرا من النحيب حد الغشيان، وعرفت لم يفد النساء لذا المسجد خصوصا، والحق أن الإمام قادر على إبكاء مسرح كاملٍ من الجمهور، وهذا مقصد ما أود أن أحكي. ما أذكرني شاركت مجموعا في بكاء، ولا استطعت، إلا خلف إمام صلاة، ووقت رفعه صوته بدعاء محمل بالحزن، وأستعجب: أي خشوع هطل اللحظة ذي، والآيات تتلى من مطلع الصلاة، «ولا عندك أحد»، ما الأمر إذن. أشعر بها: رغبة المكبوت في التفريغ.. صادفت محفزا، وأعين لا تنظر إليك. نعم هذا هو الفارق: تبكي ولا أحد يعرف من أنت، ولا لمه، ولا ما بك، والجو صدقا: مساعد لهطل أكبر كمية من الدمع. تحس بارتياح أن تفرغ من هذا الطقس. نعم، أنت الذي لم تبك لآيات من سورة يونس، لو قرأت على فولاذ لانصهر، ولو سمعها «قاسيون» لخر. لكنه مكبوت اليومي، وحلاوة اللحظة، والرغبة في أن تحاول خشوعا، أن تقول لله، ولنفسك أيضا: إن بإمكاني فعل هذا، أن أبكي على خطيئتي. عني أنا خصوصا: إنني أفتقد هذا، وأصارحكم به، كون الأغلب المجموع كذلك، مع ما يملكون من كم دمعي، يطلق آنا مسرحية جماعية هزلية، إلا أنه يندر أن تجد من يخص لخطاياه جزءا من ذي اللترات الدمعية. لا تلوموهم، رب حزنٍ يبكي الصخور، يفجرها ينابيع من دموع، وبيئتنا ربت نفسها على كبت الشعور لدعوى الرجولة، مرنت بنيها على فعل الحزنِ اختلاسا، بزعم القوة والكبرياء، وما ذاك سوى بعض تناقض نعيش. حقا: أعتبر رمضان، مدرسة مثلى، لتمرين أهدابنا لاخضلالٍ مثير، تهيئة قلوبنا لاحتضان حب كبير، من Sح أرواحنا مسحة من حنان وفير. ولو تمثيلا، نعم: ولو تمثيلا، ولو مجاراة للعامة، لأن الأمر يمنح دافعا لتكرار ذلك في لحظة يغيب فيها العام، ويختفي التمثيل، وحينها سنشعر باللذة لا تشوبها ذرة زيف. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 252 مسافة ثم الرسالة