تحدث المؤرخ الروسي المعروف ألكسي بودبيريوزكين عن الموضوع الأكثر سخونة في الآونة الأخيرة حول أسباب نشوب الحرب العالمية الثانية. ويؤكد أن من الخطأ اعتبار أن الحرب العالميةَ الثانية اندلعت في الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1939، أي عندما غزت الجيوش الهتلرية بولندا. ذلك أن بذور الحرب غرست قبل عام، عندما وقعت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا معاهدة ميونيخ. وبموجب هذه المعاهدة وافقت كل من بريطانيا وفرنسا، على السماح لألمانيا باحتلال تشيكوسلوفاكيا. ويشير المؤرخ الروسي إلى أن الاتحاد السوفيتي كان يعارض تقسيم تشيكوسلوفاكيا، وكان مستعدا للوقوف في وجه الأطماع الهتلرية. لكن معاهدة ميونيخ دفعت القيادة السوفيتية إلى إعادة النظر في سياستها، وجعلتها مضطرة للتوقيع على معاهدة عدم اعتداء مع ألمانيا. ويلفت الكاتب في هذا السياق إلى أن المؤرخين الغربيين يأخذون على الاتحاد السوفياتي توقيعه الاتفاقية المذكورة، لكنهم في الوقت نفسه يتجنبون أي حديث عن المعاهدتين المماثلتين، اللتين وقعتهما كل من بريطانيا وفرنسا مع ألمانيا النازية بعيد معاهدة ميونيخ. وتطرق بودبيريوزكين إلى ما يحاول بعض المؤرخين ترويجه، من أن بولندا كانت ضحيةَ أطماع هتلر وستالين، لكن هؤلاء المؤرخين يغفلون عن قصد حقيقة أن بولندا استولت على قسم من تشيكوسلوفاكيا بموجب معاهدة ميونيخ. وبهذا لا يمكن النظر إلى بولندا على أنها ضحية، فقد كانت في الحقيقة جلادا. ويحذر بودبيريوزكين من مغبة التمادي في تزوير حقائق تلك الحقبة وتداعيات ذلك على الوضع الراهن، مشيرا إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أقرت مؤخرا مشروع قانون يساوي بين النظامين الهتلري والستاليني. وهذا الأمر يمكن أن يكلف روسيا غاليا، كونها الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي. إذ ليس من المستبعد أن تقدم بعض الدول على مطالبة روسيا بدفع تعويضات على غرار ما تفعله ألمانيا. وقد يذهب البعض إلى ما هو أبعد، فيطالب روسيا بتقديم تنازلات جغرافية. الأمر الذي يمكن أن يفجر صراعات لا تحمد عقباها.