لم يجد فايز الحارثي فور خروجه من الجامع الذي يؤدي فيه صلاة العصر أبلغ من عبارة «اللهم إني صائم»، ليعبر بها عن استيائه من كمية النفايات المتراكمة في حاوية صغيرة أزكمت رائحتها أنوف المصلين في حي الفيصلية في جدة أمس الأول. ولم تعد معاناة أهالي الحي تنحصر في الصبر على الجوع والعطش خلال الشهر الكريم، ولكنها تعدت إلى الصبر على الروائح الكريهة التي تنفثها حاويات الأمانة في الحي الذي يقع بالقرب من مفاصل أساسية لعروس البحر الأحمر. وقوع الحي على طريق المدينة السريع وقربه من شارع التحلية الشهير والذي يغص بالماركات العالمية والمقاهي الفارهة، لم يشفع له ليكون نظيفا أسوة بجيرانه المقربين. يقول الحارثي «منذ بداية رمضان وعندما رأيت الناس تتزاحم أمام المراكز التجارية لشراء الحاجيات علمت أن أزمة النفايات التي أطلت علينا العام الماضي ستعود هذا العام وتحقق ما توقعته». ويستطرد «المشكلة تبدو في رغبة عمال الأمانة في الاستلقاء فترة النهار وترك الحاويات تمتلئ بطريقة أو بأخرى ولا يفكرون في جمعها إلا بعد التراويح مما يدخلنا في موجة من العفن جراء الرائحة، خصوصا في فترة العصر وبعد الإفطار وتتواصل حتى خروجنا إلى صلاة التراويح بأنوف مسدودة خوفا من تسلل الروائح الكريهة إليها». ويلتقط سامي الغامدي أحد سكان الفيصلية طرف الحديث قائلا «يبدو أن عمال النظافة لا يعلمون بعادات وتقاليد الأسر في المملكة ولذلك لم يغيروا عاداتهم في رمضان وتركونا وسط الروائح الكريهة والتي تنتشر في شوارع الحي بشكل مقزز وبطريقة تجرح الصيام». ويضيف «أمس كنت أسير قبيل المغرب بدقائق أمام إحدى تلك الحاويات المنتفخة وبرفقتي ابني الذي يصوم لأول مرة ومنذ أن استنشق رائحة الحاويات كاد أن يسقط من القرف والإحساس بالغثيان لولا أن الله يسر الأمر وابتعدنا عنها كثيرا». وكشف الغامدي عن العديد من المخاوف التي تثير قلق السكان وعلى رأسها الأمراض المعدية ويقول»امتلاء الحاويات يؤدي دون شك إلى انتشار البعوض وبالتالي عودة أمراض كثيرة من أخطرها الضنك والملاريا، لذلك نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من عودة تلك الأمراض من جديد». ويتهم أهالي الحي الأمانة بعدم قدرتها على تطوير آليات النظافة بشكل ملحوظ، فيقول خالد باقيس «قرأنا في الصحف قبل عامين أن ميزانية النظافة تضاعفت من 450 مليونا إلى 900 مليون وبعد أن بدأ العمل في العقد الجديد كانت الصدمة الأولى في الحاويات الصغيرة والتي لا يتجاوز حجمها نصف حجم الحاويات القديمة، ثم توالت الصدمات والتي كان أقساها ترك الحاويات ممتلئة بالنفايات لساعات طويلة مثلما ترى أمامك الآن». ويستطرد باقيس «بعض سكان الحي يخشى من انتشار الأمراض وآخرون يعانون من عودة القوارض والفئران بسبب إهمال النفايات في حين أن أغلب سكان الحي لا يمرون من هذا الشارع عقب صلاة العصر حتى لا يجرحون صيامهم بالرائحة الكريهة والتي تزكم الأنوف». من جهته قال مصدر مطلع في أمانة جدة أن هنالك توجيهات مشددة لشركات النظافة بضرورة تكثيف الجهود خاصة مع شهر رمضان بغرض المحافظة على نظافة المدينة. وأضاف المصدر «هنالك مراقبة على مدار الساعة من قبل مراقبي الأمانة على الأحياء والشوارع للتأكد من تقديم الخدمة بشكل فوري وفي حال ورود بلاغ يتم التعامل معه سريعا». وطالب المصدر من المواطنين ضرورة الإبلاغ عبر 940 في حال وجود أي ملاحظات على أعمال النظافة.