المراقب للمشهد الفضائي الراهن، يرصد الارتباك الحاد في واقع بعض القنوات الفضائية الخاصة، لجهة الرؤية، والسياسات التحريرية، يبرز ذلك بشكل جلي؛ في بعض المشاريع الفضائية المتعثرة، وأداء القنوات التلفزيونية ذات الاستثمار السعودي بشكل خاص. فبعض الشبكات التلفزيونية الفضائية تتآكل تدريجيا، وتتراجع بشكل لافت، وأصبحت تعتمد على قناة أو قناتين من مجموع قنواتها الفضائية، كما يبرز ذلك أيضا في انهيار بعض المشاريع التلفزيونية التي لم تستطع الانطلاق فضائيا، أو اختفاء بعض القنوات الفضائية من الساحة الإعلامية بشكل تام. أو قد يتجلى ذلك في سلسلة الأخطاء الفادحة في أداء وتوجهات السياسات التحريرية للقنوات الفضائية، سواء في منظومة القنوات الإخبارية، أو الفضائيات الترفيهية، أو حتى الشبكات التلفزيونية الشاملة، الأمر الذي يسبب خسائر فادحة وغير مبررة للوسيلة الإعلامية، وللمستثمرين في اقتصاديات الإعلام الفضائي، ولصناعة الإعلام السعودي بشكل عام، بل للمجتمع السعودي (الجمهور الرئيس). ويبدو المشترك الرئيس في تلك الإخفاقات والأخطاء والانهيارات، هو ضعف الرؤية الإعلامية، وغياب المنهجيات المهنية، وتواضع مستوى الفريق التنفيذي، وغموض الأهداف، وارتباك الأولويات، وأخيرا غياب مقاييس ومعايير تقييم الأداء الإعلامي والتي تشمل درجة الانتشار التلفزيوني في المناطق المستهدفة + مستوى التأثير القابل للقياس في الجمهور المستهدف، والذي يعتمد على درجة مصداقية الوسيلة، وموثقية العاملين فيها لدى الرأي العام، فالقضية ليست إطلاق القناة التلفزيونية فضائيا فقط، فالفضاء يزخر بأكثر من 5000 قناة تلفزيونية في العالم، منها قرابة 520 قناة عربية تبث بشكل مجاني غير مشفرة (70% منها قنوات خاصة) منها 112 قناة جنسية تبث باللغة العربية. ولكن هناك أهدافا محددة ومفترضة للممول وللمستثمر في اقتصاديات الإعلام، بالمعنى السياسي، والاجتماعي والإعلامي، فالجمهور أصبح واعيا بشكل لافت، ولا يعني مشاهدته للقناة الفضائية اقتناعه بخطابها الإعلامي دائما. في المقابل، هناك محفزات للفشل والسقوط تتعلق بالمستثمرين أنفسهم، والتي تشمل ضعف منطلقات المشروع (الوجاهة الاجتماعية) غياب دراسات الجدوى الإعلامية المستقلة، وسوء اختيار القائمين على المشروع، وغياب عنصر المهنية أو التنوع الفكري والمهني، وكذلك استعجال النتائج بالمعنى الاقتصادي والجماهيري. فالاستثمار في الإعلام الفضائي هو استثمار استراتيجي، في الفكر والسلوك، يتطلب معايير اقتصادية، ورؤية سياسية واجتماعية ذكية، وأدوات مهنية رفيعة، وسياسات تحريرية واضحة، وأخيرا القدرة على التأثير في الجماهير المستهدفة، وإدارة الرأي العام. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 166 مسافة ثم الرسالة