بينما ينهمك وليد الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره في مساعدة والده وأشقائه في ترتيب سفرة الطعام في الساحة الشمالية للمسجد النبوي، كانت سيارة أحد المحسنين تتوقف على رصيف يمثل نقطة التقاء ثلاثة طرق بالقرب من ساحات الحرم النبوي. ترجل منها أحد المحسنين وبعد دقائق معدودة فرغ من توزيع كامل كمية (الشريك والزبادي) التي كان يحملها في سيارته على المتجهين إلى الحرم النبوي. هذا المشهد يتكرر بشكل يومي، حيث يبدأ مبكرا سباق إفطار الصائمين في ساحات الحرم، سباق لكسب أجر «إفطار صائم» فقد توارث أهل المدينةالمنورة سباق حجز أماكن مد سفر الإفطار في ساحات الحرم الداخلية والخارجية قبيل دخول الشهر الفضيل. في الساعة الأخيرة من نهار رمضان يتقاطر آلاف الزوار والمصلين صوب ساحات المسجد النبوي لتناول الإفطار، حيث تمتد آلاف السفر على طول الساحات الخارجية للمسجد النبوي، فيما ينهمك أكثر من ألفي موظف وموظفة في ساحات المسجد النبوي في تنظيم دخول المصلين للحرم ومد السفر في الساحات والتي تضم أصنافا عديدة من الأطعمة منها: التمر والخبز والزبادي والدقة والقهوة والشاي، ويقدم في بعض السفر الأرز واللحوم والفاكهة. عدد من الزوار أبدوا سعادتهم بالمشاهد التي رأوها في ساحات المسجد النبوي في لحظات ما قبل الإفطار، حيث امتدح زائر مصري يدعى رضوان، الروح الإيمانية التي تجسد التلاحم بين المسلمين. يقول «رأينا منظرا جميلا .. الناس كرماء.. الجميع هنا يسعون لخدمتنا». وفي حوار مع أحد أصحاب السفر الممتدة في ساحات الحرم النبوي، يقول مصلح الردادي: اعتدنا على التفرغ طيلة أيام الشهر الفضيل على الإعداد لسفرتنا في ساحات الحرم النبوي، وحول مدى تأثر أصحاب السفر من خطورة تفشي انفلونزا الخنازير في ظل تكدس الساحات بالزوار، قال الردادي: «لم نفكر إطلاقا في هذا الأمر، فعمل الخير يجب أن يكون فوق كل اعتبار». أما عادل المطيري فيساعد في تجهيز سفر للصائمين مع شريك آخر يوميا. يقول: «نأتي بعد صلاة العصر للحرم يوميا ونعد السفرة والتي تكفي 30 شخصا» ويؤكد أن حماسه في كسب الأجر بدد أية مخاوف من الانفلونزا، إلا أنه لاحظ بعض أصحاب السفر يستخدمون الكمامات للوقاية من مخاطر انتقال العدوى إليهم. فيما أكد زوار على قدرة القطاعات الصحية في المملكة على مواجهة المرض والتقليل من أضراره على الزوار، ويقول أحد المعتمرين من مصر: إن السلطات في المملكة بدأت مبكرا في إعداد خطة لمواجهة المرض قبل توافد الزوار والمعتمرين، وهذا الأمر بث فينا الطمأنينة في المجيء لأداء العمرة هذا العام، حيث ننوي البقاء الأسبوع الأول من الشهر الفضيل بين مكةوالمدينة. فيما أشار محمد إسحاق (باكستاني) مقيم أنه لم يلحظ أي تأثير على توافد الزوار للحرم النبوي خلال الأيام الماضية بسبب المرض، بل إن أعدادهم ازدادت عن الأعوام الماضية وأصبحت ساحات الحرم والمظلات تمتلئ بالمصلين مبكرا والقادمين لتناول الإفطار من المقيمين والسعوديين.