الخيمة الرمضانية اليوم لا تعدو كونها مكانا للأكل والشرب وتجاذب أطراف الحديث وربما تدخين المعسل على أصوات المنشدين. بينما كانت سابقا ملتقى يجمع أهل الأدب والثقافة والأعيان والوجهاء بغيرهم من شرائح المجتمع على مائدة الإفطار. ويتحول هذا اللقاء بعد صلاة التراويح إلى فعالية أدبية يستعيدون فيها لمحات من التاريخ والثقافة والملاحم العربية. واليوم هي مجرد أروقة ملونة تنصب عند الفنادق والمطاعم الكبرى لاستقطاب الزبائن للإفطار في جو تراثي يشعرهم بروحانية رمضان. والخيمة الرمضانية بشكلها الحالي في المملكة هي امتداد للخيم الرمضانية في بعض الدول المجاورة خصوصا في الشام ومصر. هذا ما يؤكده الدكتور عبد الرحمن العمري أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبد العزيز ، حيث يقول: «هي بعيدة عن أسلوب الخيمة الرمضانية المحلية التي تميزت في القديم بتجمع أهالي القرية الواحدة أو الحي الواحد على مائدة عامرة بما تنتجه ربات البيوت من أطعمة وحلويات حيث تجد أن الجميع في ألفة كل منهم يتذوق إفطار جاره والعكس». ويضيف: «المدنية تسببت في تحويل ذلك إلى مسار ربحي من خلال تغيير نمط الخيمة وتنويع مايقدم فيها من فعاليات ومأكولات قد يكون معظمها غير محلي وهذا النوع من الخيم بشكل كبير اقتصر على الميسورين لأن المواقع التي تقام فيها إما فنادق أو مطاعم هي مواقع ربحية بحتة لا يتاح فيها دخول الفقراء وهذا الشيء ابتعد بالخيمة عن هدفها القيم في جمع أفراد الجيران وعابري السبيل على موائد الرحمن، وهذا بلا شك أحد مظاهر المدنية التي طغت على العادات والتقاليد».. محمد المطيري وعادل الحربي من رواد الخيمة الرمضانية في أحد المطاعم بررا ذلك بأنهما من أهل المدينة ومنذ خمسة أعوام وهم يتتبعون الخيم الرمضانية ويستطلعون البرامج التي تقدمها والمأكولات حيث يختارون كل ليلة خيمة معينة للإفطار أو للسحور من باب الاستئناس برؤية الآخرين كذلك محاولة لتبديد جو الوحشة الذي يشعران به وهما يصومان رمضان بعيدا عن الأهل بسبب ظروف العمل. وبين خيمة وأخرى تتفنن المطاعم والفنادق في تحضير الوجبات والأطباق وتحرص على تنويع البرامج في خطوة لجذب أكبر قدر ممكن من الباحثين عن روحانية الشهر والمفتقدين للأجواء الأسرية.