سعادة رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» إشارة إلى ما نشر في صحيفتكم في العدد رقم 15689 في 19/8/1430ه بقلم الكاتب هاشم الجحدلي في مقاله المميز «بعض الكلام» تحت عنوان «هل هي مدينة؟»، نفيدكم بداية إننا نتفق تماما مع الكاتب الكبير في حقيقة مؤداها أن جدة عانت على مدار العقود الماضية من نقص خدمات البنية التحتية الملائمة للمياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والصرف السطحي، وافتقرت إلى التخطيط المتكامل لإدارة المرافق، وأدى ذلك إلى عدم مواكبة البنية التحتية لنمو المدينة، ولم تراع الشبكات المنفذة حاليا الطلب المستقبلي واحتياجات التوسع المتوقعة على المدى الطويل، وأمانة جدة حاليا اجتهدت في وضع خطة استراتيجية شاملة لتطوير محافظة جدة بمنظور شمولي يأخذ محيطها الإداري والاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعين الاعتبار أثناء التخطيط للارتقاء والمضي بالسكان والبيئة سعيا لتحقيق رؤى ولاة الأمر في الانطلاق نحو مصاف مدن العالم الأول؛ ولعله من المناسب هنا التأكيد على أن ما يطرحه الكاتب وغيره من كبار الإعلاميين والكتاب من أفكار وانتقادات وكشف لأوجه النقص والخلل سوف تساعدنا بإذن الله تعالى في إنجاز ما يليق بجدة؛ وقد أرسلنا للأستاذ هاشم نسخة من مسودة الاستراتيجية متطلعين إلى سماع وجهة نظره حول مضمونها، وهناك من المميزات الفريدة لجدة ما يوفر لها حظوظا كبيرة في النمو والازدهار، فهي بوابة الحرمين التي تستقبل الملايين من ضيوف الرحمن سنويا، وقد أولتها القيادة الرشيدة كل الدعم والاهتمام مما ساهم في تنمية دورها التجاري للوصول بها إلى مكانة متقدمة، ويلزم لاستكمال مسيرة التنمية الاسترشاد بالخبرات السابقة والاستفادة من الأخطاء والتجارب. تهدف تلك الاستراتيجية إلى تنظيم التنمية المستقبلية حيث ترتكز على العديد من المحاور الأساسية التي تشمل المناطق الحضرية وأنماط استخدام الأراضي، والاقتصاد المحلي، والبيئة، والخدمات الاجتماعية، والثقافة والتراث، والسياحة والنقل، والبنية التحتية، وإدارة الواجهة البحرية، والمساحات المفتوحة والترفيهية، والإسكان، بالإضافة إلى المناطق غير المخططة (العشوائية) والإدارة، وتسعى إلى تطوير وتفعيل دور جدة لتصبح قطب الرحى للعالم الإسلامي، وينبع ذلك من دورها التاريخي كمعبر للحجاج والمعتمرين من قاصدي الأماكن المقدسة في كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، وهو ما يلقي عليها مسؤولية كبيرة أمام العالم الإسلامي، وكي تصبح أيضا مركزا تجاريا وسياحيا عالميا يتمتع بالمرونة والديناميكية ببناء موقع استراتيجي لها، وتقاليد تجارية خاصة بها، وقاعدة اقتصادية متنوعة لتصبح إحدى المراكز التجارية والسياحية العالمية الفريدة، وذلك بهدف تحقيق نمو مستدام والحفاظ عليه والعمل مع الإدارة التنفيذية البيئية، لتحقيق الانسجام ما بين السياسات، والمشاريع من ناحية، والممارسات وخطط التنمية الحالية من ناحية أخرى. تحرص أمانة محافظة جدة كذلك على توفير ساحات عامة ومرافق ترفيه عالية الجودة متاحة للجميع، وهو ما يتطلب تحسين الساحات العامة ومرافق الترفيه الموجودة وحمايتها، بالإضافة إلى العمل على توزيع المرافق بشكل متوازن على جميع أنحاء المدينة، وذلك من خلال بحث المواءمة بين ما يمكن توفيره في تلك المرافق واحتياجات السكان لها في الحاضر والمستقبل، وبدأت الأمانة من خلال المرصد الحضري في جمع المعلومات عن المساحات الخضراء المتوفرة حاليا للفرد الواحد وستساعد هذه المعلومات على معرفة ما إذا ما كانت الساحات العامة أو مرافق الترفيه الموجودة حاليا أو المخطط لها تلبي بالفعل احتياجات السكان المختلفة الآن ومستقبلا . ومن المتوقع أن تساهم مشاريع تطوير الكورنيش التي سيتم البدء بتنفيذها خلال العام الجاري في جعل المنطقة مقصدا رئيسيا للسياح بزيادة المخصصات للمجال العام لجعل الكورنيش الشمالي مكانا آمنا وممتعا، وإنشاء أماكن عامة متنوعة محاذية للبحر يسهل الوصول إليها، وتحسين الإدارة البيئية للمنطقة الساحلية، بالإضافة إلى تشجيع حماية الشعاب المرجانية وموائل الكائنات البحرية، وتحسين وتطوير المرافق مثل مناطق التنزه والمقاهي والمطاعم ومناطق الاسترخاء، فضلا عن تحسين مجالات الأنشطة المتوافرة بتطوير مرافئ اليخوت والقوارب ومناطق ألعاب الأطفال ومسارات المشي، وتعديل الطريق الساحلي بحيث يوفر منطقة ممتعة يمكن الوصول إليها بسهولة أكبر، مع زيادة عدد مواقف السيارات، وتطوير مساحات عامة ومفتوحة ومغلقة متعددة الأغراض، إلى جانب تحسين متنزه طريق الأمير فيصل بن فهد وتعظيم الفائدة من المشي في هذا الطريق الذي يعتبر أفضل مكان للمشي في جدة حاليا. وحول نقص المرافق الثقافية، فإننا نتفق مع الكاتب في ضرورة إنشاء المزيد منها لتلبية الاحتياجات المتغيرة، كما أن هناك حاجة أيضا إلى تطوير سلسلة شاملة من الخدمات والمرافق والنشاطات بطريقة متوازنة لتلبية الاحتياجات الراهنة والناشئة لسكان جدة وعمالها وطلابها بأسلوب يتلاءم مع تراثنا، وقد قامت أمانة محافظة جدة في عام 1400ه بتسجيل المباني التاريخية، وكانت أول من أنشأ دائرة خاصة للمحافظة على المباني، بالإضافة لإدارة الثقافة والسياحة، وقد أدى ذلك إلى أن أصبحت مدينة جدة اليوم تحظى بوجود منطقة وسط بلد تاريخية، ويجري الآن بحث إمكانية الحصول على اعتراف دولي بهذه المنطقة وإدراجها على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. محمد بن علي اليامي مدير عام العلاقات العامة والإعلام