ما إن تتفتح نوافذ المساء الجميل المبلل بعطر فيروزي أخاذ، حتى تتشعب بك الطرق ويختل توازن الليل في رقصة فرعونية فاتنة، وتتأرجح مواسم المطر بين الغي والغيم! تغرق شغاف القلب في هديل الحمام القاهري، وتضيع بوصلة الروح بين بحار من النزق والغرق. تقف على حافة الحيرة الماتعة وأنت تتساءل: أين تسهر هذا المساء، أين تتبعثر هذا المساء! وأغنية موغلة في الشجن، حملتها في جيوب قلبك المتعب تردد: (وين أحب الليل وين .. وين أحب وين أهيم)! كان هذا السؤال منتصبا بين عينيك كسيف عربي عائد منهكا من إحدى الغزوات، فيما يتشجر الليل بالأماكن الصاخبة، والأخرى الأكثر حميمية ونبضا .. خيارات متاحة في وطن يغفو على الموسيقى ويصحو على صيحات الكادحين والمطحونين فقرا وبؤسا. في الغالب يصطفيك البحر بهدوئه الليلي ومقاعده المستكينة لتقضي ساعات من الاسترخاء الذي قد يجليك عن همومك وغيومك وغمومك ولو لفترة من الزمن! وفي الأغلب تجازف بقليل من الجنون وكثير من العقل لتختار موقعا صاخبا، يضج بالقصائد المتحركة والأجساد المموسقة روعة ولوعة! تستمع إلى أغنيات تسامقت ذات زمن في روحك عندما رف غصن قلبك لأول أنثى عرفتها، وثملت بعطرها، ولكنها هنا لا تحرك فيك ساكنا بقدر ما تثير شجنا موجعا، إنهم يغنونها بطريقة تجارية، وأصوات حامضة! في الجانب الآخر مسرح يوثق عراه بين الحضور والخشبة الغائبة، وسينما تخاتل الذات بلقطات مثيرة ومؤثرة، أمواج من الناس تتصفح وجهك وأنت تقرأ ما تيسر لك من ملامحهم المتناقضة. فنون بصرية ومهرجانات غنائية وفعاليات ثقافية ومسرحيات شوارعية، خليط من الفرح المحزن والحزن المفرح! يتثاءب المساء .. في نشوة عارمة، يعود السهارى حيارى .. وتبحث عن (وسادة) ناعمة تليق بهذا الفجر الساطع، تستيقظ بعدها لتتمزق ألقا بين دور النشر والمكتبات والآثار والمتاحف. تغفو غفوتك القصيرة وتعيد عليك ذات السؤال: أين تذهب هذا المساء؟ كان هذا هناااااااااااااااك .. أما هنا فلا داعي أن تسأل نفسك أين تكتئب هذا المساء! فكل الطرق تؤدي إلى الكآبة .. ويكفي! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة