للوهلة الأولى قرأت في عينيه يومه الذي يموت فيه رأيته في صحراء "النقب" مقتولاً.. منكفئًا.. يغرز فيها شفتيه، وهي لا تردّ قبلة.. لفيه ! كنا نتوه في القاهرة العجوز، ننسى الزمنا نفلت من ضجيج سياراتها، وأغنيات المتسوّلين تظلّنا محطّة المترو مع المساء.. متعبين وكان يبكي وطنا.. وكنت أبكي وطنا نبكي إلى أن تنضبّ الأشعار نسألها: أين خطوط النار؟ وهل ترى الرصاصة الأولى هناك.. أم هنا؟ والآن.. ها أنا أظلّ طول اللّيل لا يذوق جفني وسنا أنظر في ساعتي الملقاة في جواري حتّى تجيء عابرًا من نقط التفتيش والحصار تتّسع الدائرة الحمراء في قميصك الأبيض، تبكي شجنا من بعد أن تكسّرت في "النقب" رايتك! تسألني: "أين رصاصتك؟" "أين رصاصتك" ثمّ تغيب: طائرًا.. جريحا تضرب أفقك الفسيحا تسقط في ظلال الضّفّة الأخرى، وترجو كفنا! وحين يأتي الصبح – في المذياع – بالبشائر أزيح عن نافذتي السّتائر فلا أراك..! أسقط في عاري بلا حراك أسأل إن كانت هنا الرصاصة الأولى أم أنّها هناك؟