مركز الشيخ الفاضل أبو فلان الفلاني، للنفث والمسح والضرب والتعاويذ والرقى وقراءة القرآن. يوجد لدينا قرّاء متخصصون في حل جميع الإشكالات النفسية والجسدية. موزعون رئيسيون لأجود أنواع «البصقات» المباركة في البلد، يوجد لدينا حبوب «بيضاء» مستخرجة من حبة البركة السوداء لعلاج السيدات السمراوات. نمتلك أسطولا كاملا من خلايا النحل الجيد بإذن الله ولا يوجد لدينا فروع أخرى. وللتعزية أيضا، فالأمر لم يعد نادرا أو حكاية عجيبة تسمعها في جلسة عابرة، الأمر أضحى اعتيادا حياتيا، وشماعة لكل بائسة نفسية وتربوية نصنعها بإهمال، ونعالجها بإهمال. لقد صار من البديهي أن تكون أول الحلول لمعالجة أي بلوى تحل بنطاق العائلة والأقربين، الذهاب لأقرب«شيخ» وفق تسمية النساء، ومن ثم نثر الأموال النقدية بين يدي الشيخ، ونثر الكذبات والشعوذة بين جنبي المريض، لتتنامى التقارير الصحافية معلنة القبض على «دجال» واثنين وثلاثة، ولو ناديت حيا.. لأسمعت. أحيانا ما يتم الأمر على صورة مشكلة يتعرض لها مراهق بائس يتم بحقه أكبر برنامج ممكن من التهميش والتهشيم والتشويش النفسي والجسدي، لأي مشكلة يمكن أن تحدث له، يطلب رقم إسعاف الشيخ المزعوم، وعرض حالة «المصاب»، ليسحب كذبيحة حرجة ويصفد بين يدي شيخ قادم من أدغال ما قبل التاريخ الأفريقي، مفرغا على رأسه الغض خليطا من الأوراد والأعشاب والسوائل والتعاويذ الباطلة شرعا ووضعا، وربما استفحلت حالة «المصاب» فاستدعى ضربه أمام ذويه ومعاونيه، وذلك لإخراج «الملعون» منه، وليس في الأغلب بخارج منه إلا روحه المسكينة، أو يبقى ليعيش بنفسية المضروب المقروء المشروب «المتفولِ» عليه حتى ينقل خبرته هذه لجيل آخر قادم. وبالتدقيق في الأمر، يتضح أن السيدات يحتلين المرتبة الأولى في الانهماك في مثل هذا، وفي التشبث به، بعد كل خطبة لم تعقد، وحمل لم يتم، وعقم يستمر، وولد يشاكس، وزوج يريد أن يتزوج بأخرى، ووجع أسفل الظهر، لتنطلق السيدة إلي الشيخ المبارك، «تكشف» له نفسها، و «يكشف» لها الحجب. إن هذا ينبغي أن يكون موضوعا ذا بال لدى التربويين والوعاظ والخطباء ورجال المجتمع، للتخفيف من غلواء انتشاره حد أن يكون هو المرض لا علاج المرض، درجة أن يصبح القرآن كوبونات تباع، والأدعية عبارة عن كبسولات معبأة ومخفوقة مع «نفثات» الشيوخ المباركين، وحد أن تجرى عملية قلب مفتوح في قبو شقّة مظلمة. [email protected]