نشرت جريدة «الحياة» في يوم الأربعاء 29 يوليو2009 مادة مترجمة يمكن اعتبارها خلاصة أو موجزا لمجهود بحثي قام به شريف النشاشيبي رئيس مجلس إدارة مركز الراصد العرب في لندن، وأقول إن الموضوع مترجم، مع أن الجريدة لم تذكر الترجمة إطلاقا، لأني حضرت مناسبات كثيرة تكلم فيها النشاشيبي، وشعرت وقد أكون مخطئا بأنه لا يتقن العربية، ولا أعرف إذا ما كان يكتب بها، وقبل البداية أود التأكيد على تقديري الشخصي لجريدة الحياة وفريق تحريرها، وكذلك احترامي وإعجابي بخطها المتوازن وسقفها العالي والجريء في التغطيات الصحافية، كما أن النشاشيبي شاب طموح وناجح ومتعاون ومفتوح على الجميع، واسمه معروف في لندن وفي الإعلام الغربي، ولن يضره اختلافي معه إذا قرأه مترجما بطبيعة الحال. باختصار ما نشر في الحياة باسم النشاشيبي تناول مقارنة بين «الجزيرة» و«بي بي سي» في الفترة مابين فبراير ومايو 2009، وقارن بين محتوى المواقع الإلكترونية الخاصة بالمؤسستين، وجاء في العنوان أنهما كانتا منحازتين في تقديم وجهة النظر الإسرائيلية على الفلسطينية، وأفردت للمادة أربعة أعمدة عريضة، شغلت كامل الجزء السفلي من الصفحة الثامنة في الطبعة الدولية، وفي قلب المادة وضعت صورة لمكتب محطة «الجزيرة» في رام الله الفلسطينية، بدت فيها مراسلة المحطة جيفارا البديري مشغولة بمكالمة هاتفية وأمامها امرأة أخرى محجبة، وفي الخلف ظل لشخص الأرجح أنه غير عربي، وربما كان هناك جدار زجاجي بين المصور والمكان، وخصص الجزء العلوي من الصفحة لمادة ناقشت التخبط الإسرائيلي في معالجة الملف اللبناني، وتركت للمادة الإسرائيلية مساحة ستة أعمدة ضيقة وأرفقت بها صورتان، الأولى لنائب رئيس الحكومة الإسرائيلية سيلفان شالون والثانية لمباني مدمرة في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة لحرب يوليو 2006. الشكل الخارجي أو الطريقة التي أخرجت بها الصفحة، تقترح على القارئ احتمالات تفترض الربط بين الموضوعين، وهذه النقطة ليست جديدة ويعرفها كل من قرأ ويقرأ في تحليل الخطاب الإعلامي، أما بالنسبة لمحتوى ما ترجتمه الحياة منسوبا للنشاشيبي وبعيدا عن عدد الكلمات في أخبار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن العنف الإسرائيلي يقدم غالبا بوصفه «رد فعل» على عنف ارتكبه الفلسطينيون وبواقع عشر مرات في «بي بي سي» وسبعة مرات في «الجزيزة» واتهام «الجزيرة» بأنها لم توضح خلفيات هذا العنف بينما قامت «بي بي سي» بالتوضيح ولمرة واحدة فقط، فإن دراسة النشاشيبي تظهر بأن المصادر الفلسطيسنية غابت في 11 في المئة من أخبار «الجزيرة» الإلكترونية و في 35 في المئة من أخبار «بي بي سي» الإلكترونية، ولم تذكر المادة أنها كانت حاضرة في تسعة وثمانين في المئة من أخبار «الجزيرة» و خمسة وستين في المئة من أخبار «بي بي سي»، مثلما أن طرف في المقارنة وهو «الجزيرة انغليش» وليس «شبكة الجزيرة الفضائية» أو «قناة الجزيرة» أو القسم الإنجليزي في الجزيرة، بقي مجهولا ولم تعرف هويته إلا بعد ذكر القسم العربي في السطور الأخيرة، وللعلم فإن الطاقم الذي يدير «الجزيرة انغليش» غربي في معظمه والجمهور الذي تخاطبه أو تستهدفه ليس عربيا بالتأكيد، فالعربي في المتوسط ليس لديه وقت لقراءة كتاب عربي واحد في السنة، حتى يقرأ أخبارا يومية مكتوبة باللغة الإنجليزية، والإمكانات الإعلامية في الضفة والقطاع غير مشجعة للإعلاميين الغربيين، وهم ينقلون أخبارهم من إسرائيل، والوكالات تصل إلى إسرائيل بصورة أسرع وتنقل باللغة الإنجليزية، والإسرائيليون يعطون الإعلام الغربي ما يريده وبأسلوب يخدم أهدافهم ويصر عليها، ودون شك يلعب حاجز اللغة دورا مهما في غياب المصدر، فالفلسطينيون ليسوا كلهم صائب عريقات أو حنان عشراوي أو عزمي بشارة. ثم إن الوصول إلى المصدر العربي وب «العربي» وليس «الإنجليزي»صعب ومرهق وإن توفر، وأنقل تجربة كنت شاهدا عليها بحكم دراستي لأخلاقيات الصحافة والمراسلة الحربية في «قناة الجزيرة» و»بي بي سي وورلد»، فقد تابعت أو عملت ك «شادوينغ» مع اثنين بوظيفة منتج أول أو «سينير برادوسر» في «قناة الجزيرة» هما الكريمان : محمود الخطيب و عاصف حميدي، وكان هذا يومي 14 و15 يوليو 2009، والأيام المذكوره تزامنت مع نقل الجزيرة لوثائق فاروق القدومي «المشبوهة عربيا وغربيا ربما» وللعلم فالخبر الخاص بالقدومي تناقلته وسائل الإعلام العربية ومن بينها جريدة «الوطن» السعودية، والزيادة أن غرف الاجتماعات قد تكون مزودة بأجهزة تسجيل مثلما هو الحال في المحاكم البريطانية، والوصول إلى شريط الاجتماع وتفريغه لا يحتاج أحيانا إلا إلى مجهود بسيط، إلى جانب أن مضمون الاجتماع تناقلته مواقع إلكترونية إسرائلية قبل تصريح القدومي بمدة، مثلما عرفت، المهم أن السلطة قررت تعليق عمل مكتب الجزيرة في رام الله، قبل أن تعود عنه وترفضه شخصيات محسوبة على السلطة، وفي هذه الأثناء كان الخطيب وبعده عاصف، يحاولان الاتصال بالقدومي، لمعرفة خلفيات القضية وأسباب تصريحه واختياره لهذا التوقيت تحديدا، وكلاهما حرص على تجهيز أسئلة تتكلم بلسان الطرف غير الموجود أو المعتذر عن الحضور، أو بعبارة أوضح الشخصيات المقصودة بالوثائق، أي أن الأمر استغرق وقتا طويلا قبل الوصول إليه، وهو لم يظهر إلا بعد أن استفزه تصريح صدر عن السلطة، وتحجج قبلها بأعذار مكشوفة، ويمكن بالتالي تصور موقف وكالات الأنباء الغربية في حالات مشابهة.! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة