لا تكره، أنت حين تكره تغمض عينيك، لتقول إن الكون مظلم، أو إن الكون، في هذه اللحظة، وعلى هذا الاتجاه، ومن هذه الزاوية، مظلم، وقد يكون كلامك صحيحا، لكنك حين تغمض عينيك، تصير الدنيا مظلمة بسببك، ويظل الكون مظلما عليك، ورحلة الألف ميل، نحو النور، لاتبدأ بخطوة، لأنك تكون محتاجا لخطوة، حتى تعود المسافة للألف ميل، فقد سبق لك أن تراجعت خطوة، و صار لا بد لك من خطوة (فتح العينين)، لتبدأ، بعدها، الخطوة الأولى، وتذكر أن كل حروف مفردة (السلام)، موجودة في (الاستسلام)، وأن للمفردتين، جذرا لغويا واحدا (سلم)، وليست كل زيادة: زيادة، فبعض الزيادات نقص، ولو عزلت ما زاد على (السلام) في (الاستسلام)، لحصلت على مفردة، تتكرر كثيرا في هجائيات العرب، وهي صدفة لغوية، خير من ألف ميعاد، فالفرق بين (السلام) و (الاستسلام) كبير، لدرجة تسمح لمفردات هجائية كثيرة، بالحضور، وأنت حين تغمض عينيك، لا تسئ إلى الظلام، ولا تتقرب إلى النور، لكنك ترفض نعمة من نعم الله، أو تنكرها، وليست النقمة سوى نعمة مرفوضة أو منكرة، و في الكره والبغض، إغماض وغلق، إغماض عين، وإغلاق قلب، والطبيعة التي خلقها الله لك، و فيك، تجعل لغمض العين، أوقاتا مناسبة، تلقائية، وطبيعية، تحدث دون إرادة منك، ودون مشقة، فلا تزد عليها شيئا، وإن حكمت الظروف، فالمشقة واجبة في السهر، حفاظا على أرض، أو عرض، أو نفس، ودفاعا عن شرف، وكرامة، لكن الإغماض ليس واجبا، ولا مستحبا، في غير ظروفه الطبيعية، كرمش العين، أو في النوم، وأنت حين تكره، تكون قد أغلقت باب الفهم، وأضعت باختيارك مفاتيح المحبة: (لايحب المرء حتى يفهما)، والشتيمة إغماض اللسان عن نور الكلمات الطيبة، والإغماض هروب، وفتح العين، والقلب مواجهة، والحياة مواجهة، والانتحار ليس مواجهة مع الموت، ولكنه هروب من الحياة، فلا تنتحر، ولا تسمح للحظات معينة من حياتك بالانتحار، نم قليلا، فهذا من حقك، لكن استيقظ سريعا، فهذا من واجبك، ولا أظن الشباب والشيخوخة في السن، لكنهما في قدرة النفس على المحبة، واستقبال الضوء، وأنت تشيخ، وتهرم ، إن اقتنعت بعدو الصدفة، فحتى عدوك يحتاج منك إلى اختيار، والخيارات تحتاج إلى رأي، ولا رأي بلا رؤية.