عندما تتجاوز الرياضة حدود المنافسة داخل الملاعب وتتحول إلى وسيلة للتواصل الثقافي والتفاهم الإنساني، تصبح الأهمية الحقيقية للفعاليات الرياضية الكبرى واضحة، وتمثل استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034 لحظة فارقة تعكس تطلعات القيادة السعودية لإبراز دور الرياضة بوصفها أداة لتحقيق التواصل الثقافي، وتمكين المجتمعات، وتعزيز القيم الإنسانية. برأيي إن الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034 تمثّل المحرك الرئيسي لهذا الطموح التواصلي، فهي تسعى لتقديم نسخة من البطولة تُبرز تنوع المملكة وتجمع شعوب العالم تحت راية الرياضة. كأس العالم 2034 سيكون فرصة مثالية لتعريف العالم بتنوع المملكة الثقافي والتراثي، الذي يجمع بين الأصالة والحداثة، وتُخطط الهيئة العليا لإبراز هذا التنوع من خلال فعاليات مصاحبة تُظهر التراث السعودي بأبعاده المختلفة، سواء من خلال الفنون، والطعام، والحِرف التقليدية، أو الموسيقى، فالجماهير القادمة من مختلف أنحاء العالم لن يكتفوا بمشاهدة المباريات، بل سيعيشون تجربة متكاملة تعكس غنى الثقافة السعودية وتاريخها العريق. الفعاليات المصاحبة ستعمل على تعزيز التواصل الثقافي بين الجماهير الدولية والمجتمع السعودي، من خلال إنشاء مناطق تفاعلية تجمع الزوار مع السكان المحليين، كما ستتاح الفرصة لتبادل التجارب وبناء جسور جديدة من التفاهم، فالرياضة من خلال هذه المنصات ستتحول إلى لغة عالمية تُقرب الشعوب من بعضها، وتعزز من صورة المملكة بوصفها وجهة تنبض بالحيوية والتنوع الثقافي. الهيئة العليا لا تركز فقط على الجانب الثقافي، بل تُولي أهمية كبرى لتمكين المجتمعات المحلية، وخاصة الشباب والمرأة، فالبطولة ستكون مساحة مهمة لتعزيز مشاركة شبابنا في الرياضة، سواء كانوا متفرجين أو كوادر منظمة، وبرامج التدريب التي ستُطلقها الهيئة ستمنحهم فرصة للتعلم والمساهمة الفعلية في تنظيم حدث عالمي، مما يعزز من خبراتهم ويفتح لهم آفاقًا جديدة. تمكين المرأة أيضًا يمثّل محورًا رئيسيًّا في خطط الهيئة، من خلال توفير فرص مشاركة واسعة للمرأة في جميع مراحل التحضير والتنظيم، وتعزيز دورها في القطاع الرياضي وإبراز قدراتها على المستوى الدولي. علاوة على ذلك، تُدرك الهيئة أهمية دعم الرياضة المجتمعية بوصفها جزءًا من إرث البطولة، والملاعب والمرافق التي ستقوم بإنشائها أو تحديثها ستظل متاحة للمجتمع المحلي بعد انتهاء البطولة، مما يعزز من المشاركة الرياضية ويحقق الاستدامة على المدى الطويل. تحمل الرياضة، وخاصة كأس العالم، رسالة عالمية تتجاوز حدود التنافس، وستُشكّل البطولة منصة لتعزيز القيم الإنسانية مثل التسامح، والتعاون، والتفاهم بين الشعوب، وهي زاوية ستستثمرها الهيئة العليا لترسيخ هذه القيم، من خلال مبادرات تجمع الجماهير من مختلف الجنسيات وتُبرز أهمية الوحدة عبر الرياضة. إن أثر الرياضة في تعزيز التفاهم بين الشعوب لا يقتصر فقط على المباريات، بل يمتد إلى التفاعل الإنساني الذي يحدث خارج الملاعب، والمملكة، من خلال هذه البطولة، تُبرز التزامها بدور الرياضة بوصفها وسيلة لتحقيق السلام والتقارب بين الثقافات المختلفة. كأس العالم 2034 فرصة تاريخية للمملكة لتقديم نفسها بصفتها دولة تجمع بين الرياضة والثقافة والقيم الإنسانية، ومن خلال الاستعدادات التي تقودها الهيئة العليا، ستُصبح البطولة نموذجًا عالميًّا لكيفية توظيف الرياضة لتعزيز التفاهم بين الشعوب، وتمكين المجتمعات، وإبراز التنوع الثقافي.