عندما تسمع كلمة «جودة» هل تتخيل تحسينًا وكفاءة، أم إجراءات مُرهقة وضغطًا على الموظفين؟ ينقسم الموظفون بين مؤيد لتطبيق الجودة ومعارض لها. هناك خمسة أسباب كامنة تجعل موظفيك يقاومون تطبيق الجودة. وسنكتشف سويًا كيف يمكنك تحويل نظرتهم للجودة من عبء إلى ميزة! ربما خطر في بالك موظف ما غير ملتزم بتطبيق معايير الجودة في عمله، فتتساءل عن أسباب ذلك. فيجيب علماء الإدارة بأن هناك عددًا من الأسباب، نذكر منها: 1. زيادة الأعباء الإدارية: حيث يتطلب تطبيق معايير الجودة إضافة العديد من العمليات والإجراءات الإدارية الجديدة، والتي منها: توثيق الكثير من العمليات والمتابعة المستمرة للإجراءات، وهذا يُربك الموظف ويستنزف وقته وتثقله بمهام إضافية. 2. قلة ممارسة الإبداع: فتطبيق الجودة يعني التزامًا صارمًا بمعاييرها، وهذا يتطلب من الموظف تركيزًا مفرطًا في ذلك، مما يؤدي تلقائيًا إلى إهمال الإبداع. 3. الشك في نتائج الجودة: عندما لا تُطبَّق الجودة بشكل صحيح، أو تكون معاييرها غير ملائمة لطبيعة المنظمة أو لمرحلتها الحالية، فقد يؤدي ذلك إلى عدم تحقيق النتائج المرجوة من تطبيق الجودة. 4. الإجهاد الوظيفي: الجهود المبذولة لتطبيق الجودة في العمل قد تؤدي إلى الضغط المستمر على الموظف، وهذا يؤدي إلى إجهاد الموظف وزيادة قلقه. 5. المقاومة الداخلية للتغيير: قد يرفض الموظف التغيير - وإن كان التغيير إلى الأفضل - لأنه يرى أن ذلك تقييدًا لطريقته المعتادة في ممارسة عمله. قد يظن بعض القراء الأعزاء، بعد استعراض تلك الأسباب، أن المشكلة تكمن في مفهوم الجودة ذاته، وأن التخلي عن تطبيقها قد يكون الخيار الأفضل، لكن لو تَعَمَّقْنَا قليلًا في تحليل تلك الأسباب لاكتشفنا أنها غالبًا ما تعود إما لخطأ في التطبيق أو خلل في الإدارة. لذلك، يمكن تجنب معظم هذه التحديات وتحويلها إلى فرص نجاح من خلال التطبيق المدروس للجودة، مع تأهيل الكفاءات البشرية لتتكيّف مع هذا التغيير والتطوير. على الرغم من أن هذه العيوب في تطبيق الجودة تُعَدّ واقعية وحقيقية فإن مزايا الجودة تفوق بكثير أي سلبيات قد تظهر، ومن أبرز هذه المزايا نذكر ما يلي: 1. تطبيق الجودة في العمل يساهم في خفض التكاليف: من خلال تقليل أخطاء الإنتاج وإعادة العمل (Rework)، وتوفير الوقت والجهد، والحد من هدر الموارد المادية والبشرية مع ضمان استخدامها بكفاءة عالية. كل ذلك يؤدي في النهاية إلى تقليل تكاليف الخدمات والمنتجات. قد يبدو هذا المفهوم العلمي غير مألوف لبعض الناس، حيث يُعتقد عادةً أن الجودة العالية تعني بالضرورة أسعارًا مرتفعة. وهنا يكمن الفرق بين التكلفة والسعر: فالتكلفة تشمل جميع النفقات التي تتحملها المنظمة لإنتاج منتج أو تقديم خدمة، بينما السعر هو المبلغ الذي يدفعه المستفيد مقابل الحصول على الخدمة أو المنتج. وبالتالي، كلما ارتفعت جودة العمل، كلما انخفضت التكاليف على المنظمة. 2. تحسين الإنتاجية: عندما تكون عمليات إنتاج المنتج وتقديم الخدمة مدروسة بناءً على معايير الجودة، يُصبح الموظفون أكثر تركيزًا على زيادة الإنتاج بدلًا من تصحيح الأخطاء. 3. بناء سمعة إيجابية: إن تطبيق معايير الجودة يعكس التزام المنظمة برضا عملائها واهتمامها بتلبية احتياجاتهم، مما يساهم في تقليل الشكاوى، وزيادة رضاهم عن المنتج والخدمة، وولائهم للمنظمة. تلخيصًا لما سبق، يمكن القول إن الجودة ليست خيارًا بل ضرورة لتحقيق التميز والاستدامة. من خلال تطبيق مدروس وإدارة فعّالة، تتحول التحديات إلى فرص لتحسين وزيادة الإنتاجية. أخيرًا، الجودة ليست مجرد عمل فردي أو اجتهاد شخصي أو شعار جمالي، بل هي رؤية استراتيجية، واستثمار ذكي، وثقافة تنظيمية تساهم في زيادة منتجات وخدمات وطننا الغالي. فلنعمل معًا على بناء مستقبل سعودي أكثر ازدهارًا يعكس رؤية المملكة 2030، ويحقق طموحات قادتها، حيث تُعد الجودة ركيزة أساسية لننافس عالميًا، فبالتزامنا بالجودة، نصنع نهضة وطنية شاملة، ونغزو العالم بمنتجاتنا وخدماتنا.