(خالد المالك).. اسم له رنين وبريق، منح الصحافة رحيق حياته، لم تسلب منه الصحافة شيئاً -كما يقول في حواره الموسع مع «عكاظ»-: «لم تعطني شيئاً، إلا بقدر ما أخذته منه من وقت وجهد، عرضتني بأخطائي الاجتهادية إلى ما كنت لا أتمناه، إلا إذا كانت محبة الناس، وعلاقتي الطيبة معهم، تعتبر من عطاياها، فهذه عطايا استثنائية ليس لي أن أنكرها، أو أجحدها» لا يزال المالك مدافعاً رصيناً وشرساً عن الصحافة الورقية، التي لم يخفت بريقها، ولم يضعف محتواها، ولم تتراجع مقروئيتها، وعن هيئة الصحفيين، التي ترأسها من قبل، يقول إنها ولدت دون وجود ممول أو ميزانية لها، وظلت تمارس عملها على الكفاف.. يروي المالك ل«عكاظ» جوانب متعددة ومميزة في مسيرته مع مهنة البحث عن المتاعب، وعن قصيدة غازي التي أقالته من رئاسة التحرير، وعن طفولته، وتداخلات المهنة وتشابكاتها. ثم يُعرّج إلى أوضاع الصحف اليوم فهي- كما يقول- «أشبه بالغريق الذي يبحث عن مُنقذ، ولعل تحويلها إلى شركات يوفر لها السيولة المالية المفقودة الآن، وإنقاذها من خلال الشروع في تنفيذ برامج وخطط تناسب المرحلة الحالية والمستقبلية، بدلاً من تركها للمجهول». لم يخفت بريقها • كيف ترى المرحلة الحالية للصحافة في المملكة؟ وما المعوقات والمقترحات، التي يقدمها أقدم رئيس تحرير في الصحافة السعودية الآن؟ •• ودي أقول لك إن الصحافة الورقية لم يخفت بريقها، ولم يضعف محتواها، ولم تتراجع مقروئيتها، وإنها تواصل الصدور كما كانت، لولا أن الواقع يقول غير ذلك، على أنه بالمال المشروط بالتخطيط لمرحلة قادمة يمكن أن ينقذها، ولكن أين هو المال؟ • تجربتكم في رئاسة هيئة الصحفيين، كيف كانت؟ وبماذا تنصح عضوان الأحمري؟ •• هيئة الصحفيين ولدت دون وجود ممول أو ميزانية لها، وظلت تمارس عملها على الكفاف، ولن يتغير وضعها بنصيحة مني أو دونها، ما لم يتم التعرّف على هويتها، والمطلوب منها ولها، وهذه مسؤولية وزارة الإعلام، ودون تعضيد من الوزارة فلن يكون حالها مع الزميل عضوان بأفضل مما كانت عليه مع المرحوم تركي السديري ومعي. المُحب والناصح • تربطك علاقة مع الملك سلمان منذ عقودٍ طويلة، ما أهم نصيحة قدمها لك؟ •• علاقة الملك سلمان مع كلِّ الإعلاميين والصحفيين؛ سعوديين وغير سعوديين، وليست معي فقط، يحبهم، ويقربهم له، ويدافع عنهم، ويلتمس لهم العذر إن خانهم اجتهادهم في كلمة، أو خبر، أو رأي، وتوجيهه لهم توجيه المحب والناصح، يقوده إيمانه برسالة الصحافة، ومتابعته لما ينشر فيها، وما أكثر ما نصح ووجه ودافع عن كل واحد منهم، وتوجيهاته بالنسبة لي كثيرة، وكلها مهمة، ونصائحه متعددة، وما من واحدة منها إلا وكانت تصب في مصلحتي.. ومن بين نصائحه لي عند عودتي رئيساً لتحرير صحيفة الجزيرة للمرة الثانية أن وجهني بأن يكون ضمن أولوياتي الاهتمام بإنهاء التباين في وجهات النظر بين أعضاء المؤسسة؛ كي تعود (الجزيرة) كما كانت صحيفة مقروءة ومتابعة من القراء. فالملك سلمان حين كان أميراً لمنطقة الرياض، كان بمواصفات ملك، يؤخذ برأيه ومشورته، ويستأنس بوجهة نظره، فيه من الحكمة، وبعد النظر، وسداد الرأي، ما جعل منه صاحب رأي لا يغيب عن كل قرار يصدر من الملوك. وفي شأن الإعلام، فبحكم درايته، ومتابعته، وإلمامه بالإعلام، فقد كان يعرف عنه أكثر مما يعرفه وزراء الإعلام، فيوجه دون تدخل، وينصح دون إلزام، متى رأى أن هناك ضرورة للنصيحة، وأهمية للتوجيه. هذه قصة منعي من السفر • ما قصة منعك من السفر؟ •• بعد نشر قصيدة الدكتور غازي القصيبي (رسالة المتنبي إلى سيف الدولة) المنشورة في صحيفة الجزيرة، وحُمّلت المسؤولية في نشرها، تمت استقالتي -بالأمر- وفهم خطأ أن الإقالة يجب أن يصحبها المنع من السفر، وهو ما لم أعلم عنه إلا في المطار، وحين علم نائب أمير منطقة الرياض الأمير سطام بن عبدالعزيز-رحمه الله- بالأمر وكان أمير المنطقة سلمان بن عبدالعزيز خارج المملكة، أبلغ المسؤول بالمطار بالسماح لي بالسفر، وعندما عدت إلى الرياض، وكان الملك سلمان قد سبقني بالعودة إلى المملكة، عالج المنع بشكل نهائي، ورفع اسمي من قائمة المنع من السفر. أنا وعمران العمران • لو كان غازي القصيبي موجوداً اليوم، ما أكثر فكرة سيتبناها في الصحافة؛ حسب فهمك له؟ •• الدكتور غازي من جيل صحافة الورق، والتحول من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية، خارج فهم الدكتور غازي، ولا أعتقد أنه كان سيتفاعل مع التحول كثيراً، لكن في ظني أنه لو كان حياً بيننا لما تخلّى عن دعم الصحافة أيّاً كانت الأدوات التي تصدر بها. • عمران العمران، خالد المالك، الأستاذ والتلميذ.. يقودنا أن نقول: بماذا يتشارك الرئيسان اليوم؟ •• لم أعمل مع رئيس تحرير صحيفة الرياض الأسبق الأستاذ عمران العمران، وقد اقتصرت العلاقة بيني وبينه على زيارة له في مكتبه، لإبداء رغبتي في العمل بصحيفة الرياض دون سابق خبرة، فرحّب الرجل، غير أن صحيفة الجزيرة كانت الأسرع في تبني شاب يريد أن يكون صحفياً في المستقبل، وعمران وخالد المالك من جيلين مختلفين صحفياً، فبينما قادتني الموهبة إلى دخول عالم الصحافة، فإن الأستاذ عمران ساعده اهتمامه بالأدب، والكتابة، في اختياره رئيساً لتحرير صحيفة الرياض. تعميم المقالات على الصحف • حلّقت مع اليمامة، وأنت مُستقر على شاطئ الجزيرة، كيف يحقق الصحفي النجاح في جريدتين مُختلفتين؟ •• كلما تذكرت قيامي بالعمل في مؤسستين صحفيتين يفترض فيهما أن يتنافسا، كلما أخذني الاستغراب، والذهول، والشعور بأن الأجواء في تلك الفترة غيرها فيما بعد، وتأتي الغرابة أكثر حين يكون عملي في المؤسستين في تخصص واحد؛ وهو تحرير الصفحات الرياضية في كل من صحيفة الجزيرة ومجلة اليمامة في آنٍ واحد، لكن هكذا هي الصحافة في تلك المرحلة بإيجابياتها وسلبياتها. • لديك مشكلة بصفتك رئيس تحرير أن يكون الصحفي ممن يكتب في الجزيرة، يكتب لصحيفة أخرى؟ •• تُتهم الصحافة السعودية بأنها تتشابه كثيراً في المحتوى، وعادة ما يكون الاعتماد للتأكيد على ذلك بتكرار أسماء الكتاب بما ينشرونه في أكثر من صحيفة، وأحياناً يكون نفس المقال المنشور في هذه الصحيفة هو ذاته المنشور في الصحيفة الأخرى، وبنفس اليوم، وهذا هو مبعث رفضي لكاتب يُعمم مقالاته على الصحف، ورأيي لكي تكون للصحيفة شخصيتها، فيجب أن يكون كتّابها حصراً في صحيفة واحدة. صحفيو الرياضة وهامش الحرية • قلت: «الرياضة هي السائدة لتسويق الصحيفة إلى اليوم»، كيف يتم توازن الصحيفة بين انتماءات جماهيرية كثيرة؟ وما الذي يمتاز به الصحفي الرياضي؟ •• للرياضة جمهورها الكبير، والصحف دون صفحات رياضية تكون قد فرطت بأعداد كبيرة من القراء، فالاهتمام بالرياضة يأتي في مقدمة أدوات التسويق للصحيفة، مع التأكيد على أن الصحف بلا استثناء في المملكة وغير المملكة عادة ما تكون محسوبة على هذا النادي أو ذاك بحسب ما ينشر منها، غير أن متابعة الجمهور الرياضي للصحفية يكون دائماً من المؤيدين لها، ومن داعمي الشكوى من انحيازها ضد ناديهم، والصحفي الرياضي يمتاز عن غيره من الصحفيين بوجود هامش واسع من الحرية في إبداء الرأي. • عقود من العمل الصحفي، كيف ترى الصحافة اليوم؟ وماذا ترد على من يقول إن زمن الصُحف انتهى؟ •• أجبت عن سؤال سابق عن هذا السؤال، وأزيد على ما سبق بأن الصحف اليوم أشبه بالغريق الذي يبحث عن منقذ، ولعل تحويلها إلى شركات يوفر لها السيولة المالية المفقودة الآن، وبالتالي إنقاذها من خلال الشروع في تنفيذ برامج وخطط تناسب المرحلة الحالية والمستقبلية، بدلاً من تركها للمجهول، مع احتفاظ وزارة الإعلام في حقها بمراقبة ما يُنشر فيها بعد تحويلها إلى شركات. • هل تعتقد أن الصحف السعودية نجحت في مواكبة التحول الرقمي؟ •• الصحف السعودية في ظل الضائقة المالية التي تمر بها، ومنشؤها انحصار الإعلان، وتواضع التوزيع، وتخلي الكوادر الصحفية المميزة عنها؛ بحثاً في فرص عمل أكثر ضماناً، لا نستطيع أن نطالبها بأكثر مما تفعله الآن، وهي تواكب التحول من الصحافة التقليدية إلى الصحافة الرقمية في حدود معقولة. لن أحرق مقالاتي • ما أكبر تحدٍّ يواجهه رئيس التحرير في ظِل وفرة المصادر؟ •• مع وفرة المصادر، وانخفاض عدد صفحات الصحف، ضمن الترشيد الذي تقوم به الصحف، فإن أكبر تحدٍّ يواجهه رؤساء التحرير عدم قدرتهم على استيعاب كل المعلومات والأخبار والمستجدات التي تتسارع في كل المجالات ومن مصادر عدة، كما أن متابعتها، وفرزها، ونشر المهم منها يحتاج إلى جيش من الصحفيين مما لا قدرة للصحف على تأمينه في ظل شُح إيرادات الصحف. • لو أجُبرت على حرق جميع مقالاتك، مع أحقيتك بالاحتفاظ بمقال واحد، ما هذا المقال؟ ولماذا؟ •• لن أجبر على حرق جميع مقالاتي، فهذا افتراض غير ممكن، ولن أقبل بمقال واحد يبقى بين يدي دون غيره من المقالات، فكل مقالاتي لها مكانتها، وكتبتها تبعاً لمبرراتها، ومن غير الممكن تصور موقف كاتب سيكون أمام قرار بإعدام أفكاره، حرقاً دون سبب، وقد أصبحت بعد نشرها معممة ولا تخصه وحده. • ما الصعوبات التسويقية للصُحف؟ وهل يوجد زبون للورق اليوم؟ •• من أكثر ما تواجهه إدارات التسويق في المؤسسات الصحفية، أن شركة التوزيع الوحيدة المملوكة لها توقف نشاطها، ولم يعد هناك من شركة أخرى بمواصفاتها يمكنها أن تقوم بالمهمة، كما أن ضعف محتوى الصحف لا يساعد أجهزة التسويق فيها على إقناع المعلنين والمشترين والمشتركين بها، فضلاً عن أن أقسام التسويق فرّغت من كثير من الكفاءات، وبالتالي ضعف الجهد والعمل والتخطيط في هذه الأقسام، مع أن للصحف الورقية قراءها لو كان هناك تسويق جيد لها. • ماذا سلبت منك الصحافة؟ وماذا أهدت لك بالمقابل؟ •• بصراحة لم تسلب الصحافة مني شيئاً، ولم تعطني شيئاً، إلا بقدر ما أخذته مني من وقت وجهد، وعرضتني بأخطائي الاجتهادية إلى ما كنت لا أتمناه، إلا إذا كانت محبة الناس، وعلاقتي الطيبة معهم، تعتبر من عطاياها، فهذه عطايا استثنائية ليس لي أن أنكرها، أو أجحدها. • (منصة X) وفي زمن متسارع التهمت كل مصادر المعلومات وقدمتها بصورة مستساغة أجبرت المتلقي للركض خلفها، من وجهة نظرك هل ثمة عقل مدبر مثل إيلون ماسك أو بيل غيتس سيحدث ثورة جديدة في المجال الصحفي في المستقبل القريب؟ •• كل شيء وارد وممكن مع هذه العقول المبتكرة والفضاء الواسع. السجن والجلد والفصل! • حُكم عليك بالسجن والجلد والفصل من الجريدة لمدة عام، ما السبب؟ •• كان ذلك بسبب مقال نُشر ولم أكن قد أطلعت عليه، غير أن إعفاءً صدر من الملك فهد -رحمه الله- وبتدخل من الملك سلمان -حفظه الله- حين كان أميراً لمنطقة الرياض تم الاكتفاء بأخذ تعهد، ولم يتم تنفيذ الحكم. • ما أسوأ موقف تعرضت له خلال العقود ال6 في مجال الصحافة والإعلام؟ •• بعيداً عن الأسوأ، فإن إعفائي من رئاسة التحرير؛ بسبب قصيدة الدكتور غازي القصيبي، وصدور حكم قضائي قاسٍ بسبب مقال لم أطلع عليه كانا الأبرز في مسيرتي الصحفية، ومع ذلك، فقد تقبلتهما، وتفهمتهما، وإن كنت أرى أنني لا أستحق أن أقال من رئاسة التحرير، ولا أن يحكم علي بالسجن والجلد، غير أن عودتي لرئاسة التحرير يظهر أن مكانتي لدى ولاة الأمر بصورتها الجميلة لم تتغير. قنوات تحتاج رقابة • في عصر السرعة ومواقع التواصل، كيف ترى التلفزيون السعودي؟ •• دون دعم الحكومات لميزانيات هذه القنوات في المملكة وغيرها، خصوصاً مع شُح الإعلانات، فإنها لا تستطيع الاستمرار، ليس بسبب مواقع التواصل فقط، وإنما لارتفاع تكاليفها، وعجز مواردها الذاتية، عن تغطية مصاريفها، والقنوات السعودية فيها تحسن ملموس بكل تأكيد. • هل ما زال هاجس الرقابة لدى مسؤول المنبر الإعلامي -بعد الدعم والمرونة من قِبل الحكومة- موجوداً؟•• الرقابة مطلوبة، وهي موجودة بحدود، خصوصاً مع انفتاح الإعلام، وعدم وجود حارس لضبط ما يمكن تفسيره على أنه إساءات لا مبرر لها، ومع ذلك فكثير من المواقع والقنوات وحتى الصحف لا تحترم القواعد المهنية للإعلام، وتحتاج إلى رقابة؛ لكي لا تخسر احترامها. • ما الخبر الذي تتمنى أن يتسيّد صدر «الجزيرة» يوماً ما؟ •• أن يصدر أمر سامٍ كريم بدعم المؤسسات الصحفية، وهو خبر نتمناه وننتظره، حتى إن ارتبط بالتزامات ومتطلبات وشروط على المؤسسات الصحفية أن تفي وتلتزم بها، وصولاً إلى تحسين أوضاعها، والارتقاء بما يصدر عنها من صحف. نمْ قرير العين يا تركي السديري• إلى متى كانت فلسطين قضيتك الأولى بصفتك مواطناً سعوديّاً؟ •• فلسطين هي القضية الأولى لكل مواطن عربي وإسلامي -أو هكذا يفترض- تبدأ منذ بدء وعي الإنسان وإلى أن يموت، وهاجس كل منّا وتطلعاته أن يحمل المحتل عتاده من الأراضي المحتلة ويرحل، وكمواطن سعودي، فإن بلادي عملت ولا تزال من أجل هذا الهدف، وجهدها وبذلها ودفاعها في هذا الاتجاه واضح وجلي وضوح الشمس في النهار. • ثنائية واضحة وتنافس ساخن بينك وبين الراحل تركي السديري.. ما الرسالة التي تود أن توجهها إليه عبر هذا الحوار؟ •• رحم الله الزميل والصديق العزيز تركي عبدالله السديري، الرجل الشهم، والقيادي الصحفي البارز، والقامة الكبيرة، كانت منافستنا في إطار العمل، فيما كانت العلاقة الشخصية خارج ذلك، وكلما باعدت بيننا المنافسة على التميز في العمل بين (الجزيرة) و(الرياض)، أعادتنا الصداقة والود إلى طبيعتنا، ورسالتي له: نمْ أيها الحبيب قرير العين، تحفًّك دعواتنا، وأنت إن شاء الله بين رحمة الله، وعفوه. لا رئيسات تحرير.. لماذا؟ • لماذا رئاسة التحرير في المملكة مقتصرة على الرجال في الغالب؟ •• اقتصار رئاسة تحرير الصحف في المملكة على الرجال في الغالب دون النساء ظاهرة عالمية، ولا يوجد من سبب إلا أنها «مهنة المتاعب»، وبالتالي فالرجل يتحمّل أوجاعها أكثر مما تتحمّله المرأة. • على ماذا كنت تعتمد كونك رئيس تحرير في استقطاب المواهب الشبابية في الصحافة؟ •• عادة ما يطرق الشباب الموهوبون صحفياً أبواب صحيفة الجزيرة، بحثاً عن فرصة لتفجير وإبراز مواهبهم من خلال صفحاتها، فيتم احتواء المميزين منهم، باهتمام وعناية، فالاستقطاب هنا يأتي من مبادرة الشباب الموهوبين، ودور الصحيفة استقبالهم والترحيب بهم، وفتح المجال لهم. • كيف ترى تعاطي الإعلام السعودي مع القضايا السعودية؟ •• الصحف السعودية على امتداد تاريخها، ومنذ أن كانت وهي لسان حال المملكة إعلامياً قبل أن تتوسع وتتعدد وسائل الإعلام، وهي تتعاطى مع قضايا المملكة باهتمام وتركيز، وتُخصص مساحات من صفحاتها لنقل الأخبار، وإلقاء الضوء على الإنجازات، والدفاع عنها ضد كل من يسيء إليها، ولا يزال هذا نهجها ودورها ورسالتها التي لا تغيب. الدبلوماسية ووجع الرأس • مشاهير مواقع التواصل سحبوا البساط من النخبويين في الإعلام، كيف ترد؟ •• ليس صحيحاً هذا القول، فالنخبوي في الإعلام هو المؤثر، وهو من يُنتظر رأيه مع كل تطور على الساحة المحلية والدولية، وتعليقه على أي تغير يمس حياة وأمن ومستقبل الشعوب والدول، وتبقى نجاحات مواقع التواصل بمشاهيرها معتمدة على هذا العنصر النخبوي، وإن فشلت في استقطابه قل نجاحها، ولا ننسى في المقابل أن بين المشاهير من يستحق أيضاً أن يقال عنه بأنه إعلامي نخبوي بامتياز. • دبلوماسية الصحفي تحديدًا، ذكاء أم جُبن؟ •• لا يوجد فرق بين الذكاء والخوف في استخدام الصحفي دبلوماسيته في تحقيق هدفه (دون وجع رأس)، المهم أن يصل إلى هذا الهدف باستخدام ذكائه وخوفه معاً، دون أن يلحقه أي ضرر يعيقه عن مواصلة نشاطه وعمله. • ما العنوان السياسي المناسب لعام 2024؟ •• محمد بن سلمان رجل العام. • كيف ترى الأوضاع في الشرق الأوسط؟ وما دور الصحافة؟ •• تمر منطقة الشرق الأوسط بأوضاع قاسية وخطيرة وسيئة ومدمرة، إسرائيل بدعم أمريكي وأوروبي مفتوح هي من تقود هذا التهديد لاستقرار المنطقة، مستفيدة من الموقف الدولي المتراخي أمام جرائمها، وستظل المنطقة هذا حالها ما لم يتم إلزام إسرائيل بقبول خيار الدولتين، وإفهامها بأن لها مصلحة بأن تكون هناك دولة فلسطينية مجاورة ومتفاهمة، وعلى ود في العلاقة بينهما لإنقاذ المنطقة من مستقبل غامض ومظلم ستكون إسرائيل أحد المتضررين فيه. • ضمن إصداراتك الصحفية الخاصة كتاب بعنوان (اختفاء الصحافة الورقية 2013)، وكتاب (مستقبل الإعلام من الصحافة الورقية إلى الصحافة الرقمية 2020)، وهذا يعني أن هرم رؤساء التحرير السعوديين تنبأ مبكراً باختفاء الصحافة المطبوعة، فضلاً عن أن صحيفة الجزيرة كانت أول صحيفة سعودية على الإنترنت.. ألم يكن الوقت كافياً لديكم أو حتى رؤساء المؤسسات الصحفية الأخرى لإحداث ثورة تقنية مستدامة في المجال الصحفي؟ •• لم نكن نتصور أن الهجمة ستكون بهذه السرعة، وأن الإعلان سيختفي من السوق دون تدرج. كان زلزالاً انفجر قبل أوانه. في حياتي محطات نجاح وفشل • سألنا المالك: هل أنت راضٍ عمّا قدمته طوال مشوارك الصحفي؟ ولو عاد بك الزمن ماذا كنت ستفعل؟ •• يجيب: لا أنا ولا غيري يمكن أن يتحدث عن رضاه عن عمل قام به، أو إنجاز تم على يديه، فكل منا يبحث عن إضافة، عن تجديد، متى وجدت الفرص، وساعده الوقت، وتعامل مع المستجدات بروح الراغب في إنجاز جديد، هذا ما يجب أن يكون عليه الجميع، وأنا لست استثناءً عن هؤلاء. هناك في حياتي محطات نجاح وأخرى محطات فشل، أريد أن أعزّز النجاح، وأعالج الفشل إن استطعت، والرضا على كل حال عن مشواري الصحفي موجود في حدود رضا الآخرين عنه دون زيادة أو نقصان. •• يقول المالك: كنت في طفولتي ابن القرية، الحياة فيها بسيطة في كل شيء؛ الناس، العلاقات، الطبيعة، الترفيه، الإمكانات، الفضاء الواسع، الحياة بلا هموم، والطموحات المحدودة، والآفاق نحو المستقبل، وكانت محصورة بالشارع والبيت، حياة جميلة مع أطفال الجيران إذاً، فالحنين يأتي صداه الآن من سؤالك، حيث كان الصفاء، وحصر التفكير في حدود بيئة لا يعرف الطفل عنها إلا أنها هي العالم، وأنها كما المدن الكبيرة، دون أن يدرك حجم الحقيقة والواقع. قصة المدرسة العسكرية في الرس • لماذا اعتذر عن الترشّح من جديد لرئاسة هيئة الصحفيين السعوديين 2024، وعن الترشّح من جديد لرئاسة اتحاد الصحافة الخليجية 2024؟ •• يقول: ليس هناك من سبب، أديت الأمانة، وقمت ما ينبغي أن أقوم به، وهو عمل تطوعي ينبغي أن يتناوب آخرون في القيام به، استكمالاً لإنجاز ما هو مطلوب، وما ينبغي أن يكون. «كُنتُ عسكرياً».. هكذا كان عنوان محاضرة لك ألقيت قبل سنوات في كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وقد فوجئ الجميع حينما ذُكر بأن جزءاً من الطفولة وسن البلوغ كان في المدرسة العسكرية بالرس، فما القصة؟.. هل خالد المالك هو من عَسكرَ الصحافة بانضباطيته في العمل وولائه وصدق تعامله مع المسؤولين وزملائه الصحفيين؟ •• سيدي الوالد -رحمه الله- هو من طالب بافتتاح المدرسة العسكرية بالرس واستجيب لطلبه، كونه واجهة وممثل أهالي الرس في المطالبة بالمشاريع لبلدتهم، ومن الطبيعي -وهذه قناعاته- أن يكون السبّاق في إلحاقي وأشقاء معي بالمدرسة العسكرية، تشجيعاً لغيره في إلحاق أبنائهم من جهة، وتأكيداً على أن مطالبته بافتتاح المدرسة لم تأتِ من فراغ بدليل إلحاق أبنائه في المدرسة، لكن لم يكن لسنوات قضيتها في العسكرية ذلك التأثير الواسع في منهجية عملي وسياستي في الإدارة الصحفية، لكن قد أكون أضفت شيئاً مما قد يكون ناشئاً عن التحاقي بالعسكرية. • هل تلاشت «الورقية»؟ •• يقول المالك: لم تتوقف الطبعة الورقية من صحيفة الجزيرة، وأضيف عليها طباعتها إلكترونياً لتمكين من لا تصله ورقياً تصفحها من خلال نسخ الPDF في موقع الصحيفة. • وعن البدائل المستقبلية للصحافة بخلاف ما يُنشر حالياً عبر القنوات الرقمية ونسخ ال pdf؟ •• يقول المالك: توالد التقنيات بهذه السرعة، وتجدد الابتكارات فيما له علاقة بالتواصل والإعلام بهذه الجودة، لا يجعلنا قادرين على التنبؤ أو الحكم بما ستكون عليه الصحافة مستقبلاً من تغير، ومن بدائل تفرضها حركة التجديد السريعة في آلية تقديم الصحف بما قد يهمّش ما هي عليه الآن. • لمن تعتذر؟ ولمن تُهدي الحوار؟ •• الاعتذار شيم الرجال، واعتذاري لكل مَنْ صدر مني بحقه ما يستوجب الاعتذار. أما لمن أهديه فليس هناك من هو أحق من زوجتي الدكتورة سلوى الزامل، وأولادي الدكتور بشار ومنصور، وبناتي بسمة وهيفاء.