أمير الشرقية ونائبه يستقبل رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمقاولين    «الجاسر»: افتتاح مترو الرياض خلال هذا العام    برعاية ولي العهد.. الرياض تحتضن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي 10 سبتمبر    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند 12187 نقطة    انطلاقة الدوري تحمل اسم كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الجبير يستقبل الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    نائب أمير جازان خلال الجلسة الأسبوعية يبحث استعدادات التعليم والتدريب التقني والمهني للعام الجديد    المفتي العام: مسابقة الملك عبد العزيز الدولية تأكيد لرعاية المملكة بكتاب الله    "تقييم" تدعو ممارسي تقييم المعادن الثمينة والأحجار الكريمة إلى تصحيح أوضاعهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يُكرِّم الفائزين في مسابقة النُّخبة للقراءات العشر    فريق طبي سعودي يستأصل الغدة الدرقية بالروبوت الجراحي    "التعاون الإسلامي" تؤكد ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات في مدينة القدس المحتلة    القيادة تهنئ ملك المملكة المغربية بذكرى يوم الشباب المجيد لبلاده    رئيس جمهورية تتارستان الروسية يستقبل وفد "التعاون الإسلامي" المشارك في قمة قازان العالمية الثالثة للشباب    غيبريسوس : أشكر قيادة المملكة لتعزيز الصحة عالمياً    وزارة الثقافة تحتفي بخريجي الابتعاث الثقافي غدًا الخميس    "الأمير سعود بن مشعل" يستقبل في قصر الضيافة العلماء والمشايخ والأهالي    كوت ديفوار تسجل 28 إصابة بجدري القرود وحالة وفاة واحدة    استشهاد أربعة مزارعين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح    حرب على الضفة أيضاً.. سرقة الأرض وأموال الضرائب والموارد    مصانع نجران تصدّر منتجاتها لأكثر من 25 دولة وثروتها التعدينية تقدّر ب145 مليار ريال    السعودية تخطط لإطلاق أول تمويل من نوعه لتأسيس مشاريع ثقافية إبداعية    الاتحاد الأوروبي يستبعد اتخاذ اجراءات استثنائية لمكافحة جدري القرود    سهيل» النجم الذي تستبشر به العرب يكسر حدة الحر وإقبال موسم الأمطار    أمطار غزيرة بعدد من المناطق وضباب على المرتفعات    "الأهلي" يظفر بالتعاقد مع البرازيلي "ألكسندر"    برعاية الملك ونيابة عنه.. نائب أمير مكة يُكرم الفائزين بمسابقة حفظ القرآن.. اليوم    انطلاق أعمال اللجنة السعودية-الأوروغويانية في «مونتيفيديو»    منافسات «المجنونة».. من المستطيل الأخضر إلى ميادين الهجن    نائب أمير الرياض يثمن دعم القيادة لمشاريع تطوير محاور الطرق الرئيسة والدائرية    تناقضات نتنياهو.. وأزمة الاتفاق    استقرار التضخم عند 1.5 % تأكيد على متانة اقتصاد المملكة    الرؤية الإستراتيجية لجامعة الإمام.. والتحول للمستقبل!    عن حق الطريق ستسألون !    مجلس الوزراء: الدولة تولي اهتماماً بالغاً بقطاع التعليم وعناية مستمرة بجودة مخرجاته    بشارة خير    بريطاني ينفذ أعلى قفزة تزلج في العالم    شراكة بين مركز استدامة والشركة السعودية للقهوة    حق التعليم    الإنسان حيوان سياسي تجاري    أحمد عائل.. رحيل النورس الجميل    القراءة وجدلية المعرفة الرقمية    وبال في كليمندو    غازي القصيبي في ذكراه 2-2    حسين عبدالغني قصة عشق    سجل أرقامًا قياسية في عدد في ختام الجولة الأولى بدوري" يلو ".. الحزم يواجه أحد.. ونيوم في ضيافة أبها    الأمير سلمان بن سلطان رئيساً فخرياً لأوقاف جامعة طيبة    «عابرون على خيوط الكلام»..!    على أعتاب حرب عالمية.. تصعيد روسي أوكراني خطير    أصغر مبرمج كمبيوتر يدخل الجامعة    بعد احتراق مدرسة.. الأمطار تعلق الدراسة في صامطة وتغرق الشوارع    القاهرة: مشاجرة بين «فنان» و«طبيب».. والأمن يفحص فيديو الواقعة    جمعية الذوق العام السعودية تطلق مبادرة"ستيج ذوق" لبيئات الأعمال    أمير تبوك ينوه بالنقلة الحضارية الكبيرة التي تشهدها المنطقة    سعود بن نايف يستقبل الحربي المتنازل عن قاتل ابنه    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على موضي بنت سعود    مدير فرع «الخارجية» بمكة يستقبل عدداً من قناصل الدول الصديقة والشقيقة    الكمنجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيئة الترفيه وعمر آخر يستحق العيش فيه !
نشر في عكاظ يوم 15 - 07 - 2024

في ركن بارز تصدر إحدى قاعات المتحف القومي للحضارة المصرية، كان صوت الغرامافون النحاسي المعبأ بروائح الزمن القديم، يصدح بإحدى أغنيات الست، رحمها الله، مشهد فرح أتى ضمن الفعالية التي نظمها المتحف بمناسبة مرور 100 عام على أولى حفلات سيدة الغناء العربي أم كلثوم، والتي لعبت دوراً هاماً في تاريخ مصر الحديث.
خبر المتحف جعلني أتمعن في دفاتر أيامي، سجل طويل من الذكريات يمنحني رصيداً دائماً من الإحساس بمكامن الجمال رغم تغيّر الأشياء والناس والعلاقات،
صوت يجدّد في الحنين، يسحبني إلى الأعماق، إلى المنيل والجيزة والدقي، ومن كان الناس في حبه سكارى، وليالي القاهرة، وسنوات حلوة رقدت في الذاكرة.
يومياً، كان موعدي مع إذاعة أم كلثوم الساعة السادسة مساءً بتوقيت القاهرة لأسمع صوت الشجن والغربة والشوق والحب والحنين تفتتح به الإذاعة أغنية من أغاني الزمن الجميل لأم كلثوم معجونة بألحان بليغ والموجي وعبدالوهاب والسنباطي، نجدّد معها عهد المحبة، وتذكّرنا بأنها لا تزال متربعة على عرش الغناء تشدو «رق الحبيب صعب علي أنام أحسن أشوف غير اللي يتمناه قلبي».
لكل أغنية معنى حمل في الأفق ذكرى حبيب غاب، وعزيز مسافر وراحل لن يعود.
«300» أغنية، ولكل أغنية قصة يقف وراءها شاعر وملحن وفرقة موسيقية تطوّع كل شيء ليناسب مقدرة صوت سيدة الغناء العربي، بدايتها الرسمية قصيدة للشاعر عبدالله الشبراوي بعنوان «وحقك انت المنى والطلب»، وآخرها للشاعر الكبير بيرم التونسي «القلب يعشق كل جميل»، كل أغنية لها طعم وذكرى وآهة ودموع وفرح وتنهيد، كنا نعيش شجناً لا يوصف بالكلمات، ولحظة تعدل في موازين الوقت عمراً من حنين، تعلمنا منها دروساً في الحب والهجران والصبر على الفراق وحرقة الآهات وهي تصحى الليل.
اليوم أعادني المتحف المصري نحو ذاكرة الأغنيات الطربية لسيدة الغناء الأصيل صوت تجوهر في ذاكرة الأيام، وتعتّق في دنان «السلطنة»، فأصبح مطايا من إبداع نقلني معه إلى ماضٍ رحب الأمنيات، فسيح الآمال، عشته بكل طاقة الحب والافتتان، وتعاطيت معه بكل ما في الذوق العالي من معانٍ، وفي الشجن المترف من ألق.
حزني على الأجيال الجديدة التي لم تسمع أم كلثوم حقيقة وتطرب لأغانيها وتسهر على كلمات وموسيقى أغانيها فتجد فيها السلوى والعفاف، وتعيش شجناً لا يوصف بالكلمات، ولحظة تعدل في موازين الوقت عمراً من حنين.
«الأطلال، فكروني، دارت الأيام، سلوا كؤوس الطلا، يا مسهرني، عودت عيني على رؤياك، انت عمري اللي ابتدى بك صباحه»..
سهرة خميسية من كل شهر على مدى 60 عاماً من طرب مُقنع رزين وصوت معتق في دن عتيق وظاهرة صوتية تفردت بها الست ولحن عزيز مجنح في فضاء التفرد والإبداع.
أغاني شكّلت ذواكرنا الوجدانية، وعمرت أيامنا بشجي الطرب، ورصين الأغنيات وهذبت نفوساً عاشقة للجمال متعطشة للحب..
إرث فني، كلما استمعت إليه زدت عطشاً إليه واستزدت من عبقه الأخّاذ، وضوئه الباهر..
ما إن ترنّ على سمعي موسيقاها، وينطلق صوتها وهي تقف بكبريائها على أرض المسرح حتى تسافر روحي في عوالم تيّاهات.. تحملني معها على جناح اللحن الخالد.. أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غدِ.. يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعد..
كل أغنية تفتح باباً للذكرى، ونافذة للحنين، تعيدني إلى ماضٍ جميل وأيام بطعم العسل..
فيا لهذا الحنين الدافئ، ويا لذلك الشجى الآخذ من صحو الذات في الواقع ما يعزّ عليها أن تستعيده على واقع الماضي الذي سلف..
أيّ شيء رسّخ تلك الأغنيات في نفوسنا بهذا الشكل، ولماذا بقيت تلك القمم الفنية أم كلثوم، عبدالوهاب، عبدالحليم، نجاة وفايزة أحمد كل هذا العمر بذات النضارة القديمة والألق الممض محفورة في أضابير الذاكرة وحنايا القلب، استوعبت مشاعرنا ومتطلبات أيامنا وحلّقت بنا في دنيا من عشق وأحلام من نور..
الحب هو الود والحنية
عمره ما كان غيره وظنون وأسية..
كنوز من درر نرددها اليوم لنصنع زماناً جديداً.
الشكر لكل من حافظ على هذا التراث الفني العظيم ونقله إلينا كاملاً نعيشه في الكلمة واللحن والأداء وخلّد أصواتهم على جدار الأيام.
على جيل اليوم أن يحاول الاستماع للفن الأصيل، وأغنيات الأمس الجميل المكتنزات بالشجن والسلطنة. أغنيات تهذّب النفس وتعرج بها إلى برزخ الأمان والرقي والصبر.
سوف يقف الزمان احتراماً وتقديراً لهيئة الترفيه ورئيسها المستشار تركي آل الشيخ، فوفقاً لتخطيط الرؤية أحدث تغييراً كبيراً في المفاهيم، وأحيا موسيقى وغناء الزمن الجميل، وجعل من المملكة مرتكزاً مهماً فيما يتصل بالفنون، والترفيه، عرف وقدّر وثمّن قيمة الماضي بفنه العظيم فحرص على إحيائه من جديد، فجعل من الأغنية الطربية موقعاً مميزاً على خارطة الترفيه، شجّع وكرّم ودعم وأعطى الوقت والمال والجهد للمحافظة على هذا الفن الراقي الأصيل.
حفلات من أعماق الزمن ربطها بالحاضر، وأعاد لنا أصالة الأغنية العربية والموسيقى الشرقية الخالدة، فصنع لنا زمناً جديداً أكثر شباباً وإمتاعاً بعد حرمان طويل لموسيقى تصدح أو أغنية حقيقية تُسمع..
هيئة الترفيه بأفعالها المجيدة جعلت أمامنا فصولاً من عمر آخر تستحق أن نعيشها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.