يبلغ عدد الدول الأعضاء في الأممالمتحدة أكثر من 190 دولة، لكل منها سيادتها وأنظمتها التي تنظم دخول وخروج مواطني الدول الأخرى منها وإليها، والكثير من الدول -بما فيها الدول المتقدمة- تفرض قيوداً مشددة على دخول الزائرين إليها، وتختلف صعوبة الحصول على تأشيرة الدخول من دولة لأخرى، كما تختلف أيضاً طبقاً لسبب الزيارة، فتأشيرة الطالب تختلف عن تأشيرة العامل، والاثنتان بدورهما تختلفان عن تأشيرة السائح، وتتفاوت صعوبة الحصول على التأشيرات السياحية ما بين دولة وأخرى؛ ففي الوقت الذي يتم فيه إعفاء مواطني بعض الدول من الحصول على التأشيرة السياحية، يُمنع منحها لمواطني بعض الدول الأخرى تحت أي غرض، كما أن بعض الدول لا تمنح تأشيرتها للزوار إلا بعد إجراء مقابلات شخصية. غير أن الثابت دوماً في كافة الأعراف والقوانين هو ضرورة مغادرة الزائر لأراضي الدولة بعد انتهاء صلاحية تأشيرته، وهذا أمر لا تختلف فيه دولتان وتفرضه جميع الدول بلا استثناء، وتقوم كل دولة بتعقب المخالفين ومن ثم ترحيلهم إلى أوطانهم؛ لأن وجودهم أصبح مخالفاً لشروط منح التأشيرة، بل قد تقوم بعض الدول بإدراج هؤلاء المخالفين في قائمة الممنوعين من دخولها مرة أخرى، فهذه الأمور الحساسة تمس سيادة كل دولة، ومنعاً لتحايل البعض تقوم الكثير من الدول بتسجيل بصمات المتقدم لزيارتها سواء عند دخوله أراضيها أو حتى عند حصوله على التأشيرة. والمملكة العربية السعودية ليست استثناءً من ذلك بطبيعة الحال، حيث تقوم الدولة بمنح تأشيرة الدخول للراغبين في أداء مناسك الحج أو العمرة وفق ضوابط معينة، ففي الوقت الذي يتم فيه منح تأشيرة العمرة للمعتمرين خلال أيام السنة كافة، يقتصر منح تأشيرة الحج على فترة الحج فحسب، ومن المؤكد أن الإجراءات الحازمة التي تتخذها المملكة لمساعدة زوارها على أداء مناسك الحج هي ضرورة فرضها وجود قرابة مليوني حاج داخل المشاعر المقدسة خلال فترة زمنية محدودة، وتمنح المملكة تأشيرة الحج للحجاج النظاميين بالتنسيق مع حكومات الدول التي تختار بنفسها الحجاج -من مواطنيها- الذين يؤدون مناسك الحج وفقاً للنظام الذي ترتئيه الدولة نفسها سواء كان قرعة أو غيره، وهو ما يمكّن المملكة من توفير كافة الخدمات الأساسية لهؤلاء الحجاج النظاميين منذ أن تطأ أقدامهم أراضي الحرمين الشريفين، وفق خطط مدروسة جيداً بما يسمح بخدمتهم وتقديم الرعاية لهم. خلال موسم الحج تقوم المملكة بتسخير إمكاناتها وقدراتها كافة؛ لإنجاح موسم الحج، وهو ما يتطلب ضرورة معرفتها المسبقة جيداً بالأعداد الدقيقة لكل بعثة تتوافد على أراضيها من بقاع العالم كافة، وتقوم المملكة بطبيعة الحال بالتنسيق مع الأطراف المعنية كافة بكل بعثة حج بحيث تتمكن من خدمتهم وإسكانهم ونقلهم وتوفير العلاج اللازم لهم في حال اقتضت الظروف ذلك، غير أنه –للأسف- تسعى بعض الشركات السياحية في الخارج للتحايل من خلال ادعائها قدرتها على توفير تصاريح الحج والتأشيرة للحجاج بعيداً عن الطرق النظامية المألوفة، حيث تقوم بإدخال هؤلاء لأراضي المملكة بتأشيرة زيارة -وليس الحج- ثم تتركهم في ظل ظروف غاية في القسوة في ظل درجة حرارة قد تصل لأكثر من 50 درجة مئوية، وربما بلا سكن ولا قدرة على التنقل وبلا خدمات علاجية، مما يعرضهم لخطر بالغ بل قد يودي بحياتهم في بعض الأحيان. تصاريح الحج ليست تعنتاً من المملكة أو فرضاً لقيود تعجيزية على حجاج بيت الله الحرام، بل هي إجراءات منطقية وعملية تفرضها أمور كثيرة منها الأعداد الكبيرة الراغبة في دخول أراضي المملكة التي تصل للملايين من الحجاج، ومنها ضرورة تنظيم هذه الأعداد الغفيرة ومساعدتها على أداء مناسك الحج دون مشقة، غير أن الكثير من المتربصين ينتظرون موسم الحج كل عام لنفث أحقادهم الدفينة ضد المملكة وإخراج ما في نفوسهم المريضة وانتقاد كل ما تقوم به المملكة حتى لو كانت إجراءات ضرورية يمليها العقل والمنطق، ومن المؤكد أن هؤلاء المنتقدين لا تهمهم سلامة الحجاج أو راحتهم، فهدفهم ليس حماية الحجيج غير النظاميين من ضحايا شركات السياحة الوهمية التي تسعى للتربح غير المشروع، التي قامت دولها نفسها بسحب رخص عملها وتحويل أصحابها للقضاء، بل هدفهم انتقاد المملكة بكل الصور ولو بإطلاق الادعاءات الوهمية والضلالات التي ينكرها العقل.