•• قبل أيام؛ أولمت لصديق قديم، مفكر عربي، قبيل مغادرته إلى بلاده بعد أدائه فريضة الحج.. أمسية رشيقة دمِثة شهدها أحبة مشتركون بيننا من أهل الثقافة والفكر والأدب والعلم.. سأله أحدهم: كيف تصف موسم الحج كشاهد عيان.. الرجل وصف إدارة الموسم من باب واحد، هو باب القلب.. قال مبتدئاً: ثمة أماكن تفتح ذراعيها لزائريها، ومنها بلادكم التي يدخلها النور برائحته وريحانه. •• لم تكن هذه النظرة التي اعتلت وجه ذلك الرجل الموسوعي ثقافياً؛ مجرد نظرة فرح بما تقدمه بلادنا للحج والحجيج، إنما نظرة إنصاف تعطي سعادة للضيف والمضيف.. قال معقباً: المتأبطون شراً ببلادكم صنعوا موجة من اللقطات التافهة وسيلاً منهمراً من الصور الدنيئة.. هؤلاء المتحايلون المتسترون خلف شاشات هواتفهم؛ صاغوا أخباراً مضللة تكذب وتشوه الواقع.. الغاية من تلك الأفعال المتمردة قلب الحقائق. •• عقَّب ذلك الصديق العربي بالقول: خونة الدين والعقيدة الذين انتقصوا من تميز الحج؛ فقدوا الاتزان ولم يستطيعوا كبت مشاعرهم الخبيثة فأصابتهم سهام الدهشة من نجاح بلادكم في إدارة موسم كبير.. وحين أرادوا نهب الحقيقة من تحت أقدام الشعوب العربية والإسلامية؛ أمطروا الناس بأحقادهم وبثوا عليهم رذاذ أضغانهم.. هؤلاء بؤرة مغناطيسية صناعة قديمة لم تجتذب إلا من هم على مثل أحلامهم. •• هؤلاء ألسنة حِداد مثل الكبريت، ومناظر غضب مثل البارود.. عقول خرِبة حصلت على شهادة وفاة مشاعر لترقص فرحاً على الجثث.. أفكار مفخخة مارست الحياة من أجل أن يدمر الإنسان الحياة، فأزبدوا على سكان الأرض العُبُوس.. أمواج هائجة لا ترغب الخروج من كهف الاضطراب.. ألواح ثلج باردة لا تملك موهبة ولا علماً ولا مهارة، فلا تشتاق ضمائرها إلى الحياء من الله.