أكد السفير الصيني المعين حديثاً لدى المملكة السيد تشانغ هوا أن الصين والمملكة تميزهما شراكة استراتيجية شاملة، ولديهما توافق كبير في كثير من المصالح المشتركة والهموم الكبرى للجانب الآخر. وقال السفير الصيني العاشر لدى السعودية خلال لقائه بالإعلاميين بمنزله في الرياض اليوم (الأحد): تتمتع الصين والمملكة بإستراتيجيات متطابقة ومفاهيم متشابهة ومزايا متكاملة في التنمية، مما يجعلهما شريكين طبيعيين، وأثق بأنه في ظل القيادة الحكيمة والدفع المشترك لقادة البلدين سيشهد تطور العلاقات بين الصين والسعودية آفاقًا أوسع وأكثر إشراقًا، وسيحقق التعاون العملي في مختلف المجالات نتائج أكثر ثراءً. وأضاف: لديّ خبرة وافرة تزيد على عقود في العمل بمنطقة الشرق الأوسط، حيث شغلت منصب السفير الصيني في اليمن والإمارات وإيران، وأتطلع في فترة عملي في المملكة إلى بناء علاقات عملية جيدة معكم جميعاً، والحفاظ على التواصل والتبادل المستمر، من أجل تعزيز علاقات الصداقة بين الصين والمملكة والمساهمة في تطويرها. وأوضح أن الصين ترى السعودية قوة هامة في عالم متعدد الأقطاب، وتضع تنمية العلاقات مع المملكة العربية السعودية أولوية في سياستها الخارجية الشاملة، وخاصة ضمن دبلوماسيتها في الشرق الأوسط. كما تنتهج الصين والمملكة سياسة خارجية مستقلّة، وتدعو الدولتان إلى الحفاظ على النظام الدولي القائم على «ميثاق الأممالمتحدة» والقانون الدولي في الأممالمتحدة ومجموعة العشرين ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها من المنصات الدولية والقضايا الساخنة الدولية والإقليمية، وتحافظ الصين والسعودية منذ فترة طويلة على التواصل المستمر والتنسيق الوثيق، وعملنا معًا على تعزيز السلام والاستقرار العالمي وتحقيق التنمية والازدهار. وأضاف: في السنوات الأخيرة، تحت اهتمام وقيادة قادة البلدين المشتركين، دخلت تنمية العلاقات الثنائية «مسار السرعة»، حيث تتواصل المواءمة بين رؤية 2030 السعودية ومبادرة الحزام والطريق الصينية باستمرار. وفي عام 2022، قام فخامة الرئيس شي جينبينغ بزيارة ناجحة وتاريخية إلى المملكة، حيث توصل قادة البلدين إلى توافقات هامة مشتركة مسلسلة. وزاد: تحافظ الصين والمملكة على اتصال وتنسيق وثيقين بشأن تنفيذ نتائج زيارة الرئيس شي للمملكة على أرض الواقع ومواصلة تعزيز الأعمال للجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى، ويمكن القول إن العلاقات بين بلدينا تمر بأعلى المستويات مقارنة مع تاريخها. وأشار السفير الصيني إلى أنه منذ العام الماضي تمت زيارات متكررة بين الصين والمملكة على مختلف المستويات والمجالات، مما ساهم في دفع التعاون العملي بين البلدين في مختلف المجالات للتوسع المستمر وتحقيق نتائج جديدة. وفي الوقت الحالي، تُعد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، وكذلك المملكة هي أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا، حيث تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة 100 مليار دولار أمريكي لمدة عامين متتاليين، وهو ما يمثل أكثر من 35% من إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة نفسها. ولفت إلى أنه في السنوات الأخيرة، شاركت العديد من الشركات الصينية بنشاط في بناء البنية التحتية لمشاريع «رؤية 2030» الكبرى، بما في ذلك مدينة المستقبل (نيوم)، وذا لاين، ومشروع البحر الأحمر وغيرها، قد أصبحت المملكة العربية السعودية البوابة المفضلة للشركات الصينية لدخول سوق دول الخليج. واعتبر السفير الصيني السياحة والتعليم نُقطة مضِيئَة جديدة في التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والمملكة. وأضاف أنه في مجال التعليم، خلال زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان للصين عام 2019، أعلن إدراج اللغة الصينية في النظام التربوي التعليمي السعودي. وفي عام 2022، خلال زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى المملكة، تم توقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون التعليمي في مجال اللغة الصينية بين وزارة التربية والتعليم الصينية ووزارة التعليم السعودية. كما تم إطلاق تخصصات اللغة الصينية في 4 جامعات سعودية في الوقت الراهن، وتدشين وتشغيل معهد كونفوشيوس في جامعة الأمير سلطان. قبل بضعة أيام، حضرت نهائيات الدورة الثانية والعشرين لمسابقة «جسر اللغة الصينية» لقياس كفاءة اللغة الصينية، حيث تواصلتُ مع الطلاب السعوديين الذين يعشقون الثقافة الصينية. وقال: في مجال السياحة، وقّعت الصين والسعودية مذكرة التفاهم في سبتمبر من عام 2023 ومن خلالها تصبح المملكة رسميًا وجهة رئيسية للرحلات الجماعية الصينية، كما أطلقت الخطوط الجوية السعودية رحلات مباشرة بين جدةوالرياض وبيجينغ العام الماضي، وفتحت أخيراً شركات الطيران الصينية الثلاث رحلات جوية مباشرة جديدة بين البلدين، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة عدد السياح الصينيين الملحوظة إلى المملكة. وتابع: في عام 2023، قام أكثر من 30 ألف مواطن سعودي بزيارة الصين، كما أتى مئات الآلاف من المواطنين الصينيين إلى المملكة للسياحة وممارسة التجارة في الفترة نفسها. وعاد للقول: سبق لي أن زرت السعودية عدة مرات للعمل، لكن هذه المرة لاحظت بوضوح تغييرات غير مسبوقة في السعودية، ومنذ أن طرح ولي العهد رؤية 2030 عام 2016، تسارعت السعودية في تعزيز التنويع الاقتصادي، وفي الوقت نفسه أصبح المجتمع أكثر حيوية وانفتاحا وشمولا. وفي عام 2023، تجاوزت نسبة مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي 50% لأول مرة، وهو إنجاز تاريخي يستحق الثناء. كما تسير الصين في طريق تحقيق أهداف تنميتها، ففي عام 2023، نما اقتصاد الصين بنسبة 5.2%، حيث إن حجم الزيادة تعادل الناتج المحلي الإجمالي لدولة متوسطة الحجم، وتبلغ نسبة مساهمتها للنمو الاقتصادي العالمي أكثر من 30%، ولا تزال الصين المحرّك الأكبر للنمو العالمي. وأشار إلى أن الصين أصبحت حاليًا شريكًا تجاريًا أساسيًا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وانخفض متوسط مستوى الرسوم الجمركية إلى 7.3%.