قال سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية تشن وي تشينغ: "إن العلاقات بين البلدين تعيش أفضل مستوياتها التاريخية، وإن بلاده تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، ولا تفرض إرادتها على أي طرف، وليست سياساتها موجهة ضد أحد". وأكد أن قمم الرياض الثلاث، التي استضافتها العاصمة السعودية "تاريخية" وكانت علامة بارزة في مسيرة العلاقات بين الصين والعالم العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي. واعتبر السفير الصيني، أن مبادرة "الحزام والطريق" أصبحت اليوم منصة تعاون دولية مفتوحة، وأن العلاقات التجارية بين العرب والصينيين بدأت قبل 2000 عام، ولا تزال تتمتع بالثقة والإيمان بمبدأ المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة. وعبر تشن وي تشينغ، عن إعجابه بما تعيشه المملكة من قفزات نوعية متسارعة، جعلتها من أكثر الجهات جذباً للاستثمار، وأصبحت أكبر شريك تجاري للصين، حيث ازدادت التجارة بين البلدين بنسبة 40 % خلال 4 سنوات، وأما المجتمع السعودي فبات اليوم أكثر حيوية وانفتاحاً على العالم، حتى أصبحت السعودية وجهة رئيسة للرحلات الجماعية الصينية. وفيما يلي نص الحوار: كانت آخر زيارة لفخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى الرياض، علامة بارزة في تاريخ العلاقات بين البلدين، وتزامنت في حينها مع انعقاد ثلاث قمم مهمة، وتوقيع لاتفاقيات بنحو 30 مليار دولار، لتؤكد متانة علاقات الصداقة منذ عام 1990. نريد أن نعرف تقييمك، سعادة السفير، لمستوى العلاقات الحالي بين البلدين؟ وكيف تنظرون إلى مستقبل هذه العلاقات الثنائية؟ * في البداية، نشكر المملكة العربية السعودية على جهودها الكبيرة لإنجاح تلك القمم التاريخية والمهمة، التي كانت محطة بارزة في مسيرة العلاقات بين الصين، وكلاً من السعودية والدول العربية ودول الخليج، ونقدر الدور الفاعل والمهم الذي تلعبه المملكة، في قيادة وتعزيز العلاقات الصينية العربية، والصينية الخليجية. ولا شك، أن الصين والمملكة توليان اهتماماً بالغاً لتنفيذ نتائج زيارة الرئيس شي جينبينغ للمملكة على أرض الواقع. ويحافظ البلدان على اتصال وتنسيق وثيقين، بشأن مواصلة وتعزيز أعمال اللجنة السعودية - الصينية المشتركة رفيعة المستوى. في الوقت الحالي، تمر العلاقات بين بلدينا بأعلى مستوياتها مقارنة مع تاريخها، حيث قام العديد من الوزراء في مجالات الطاقة والرياضة والخارجية والاتصالات وتقنية المعلومات، والنقل والخدمات اللوجستية والصناعة والثروة المعدنية والاستثمار والثقافة السعوديين، بزيارات متعددة الصين. كما شهد التعاون بين البلدين في مختلف المجالات توسعاً مستمراً وغير مسبوق. إن الصين، ترى في المملكة قوة مهمة في عالم متعدد الأقطاب، وتولي أهمية كبيرة لتطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة معها، وتضع تنمية العلاقات كأولوية في سياستها الخارجية الشاملة، وخاصة ضمن دبلوماسيتها في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى أن الصين مستعدة لمواصلة تعزيز الاتصال، وتعميق التعاون في مختلف المجالات، لخدمة المصالح التنموية للبلدين، والحفاظ على السلام والاستقرار العالميين. 30 ألف سعودي زاروا الصين خلال عام هناك حديث في بعض وسائل الإعلام الغربية، أن الصين تسعى لملء الفراغ في العالم العربي، والهيمنة عليه، وأن سياساتها موجهة في ذلك ضد الغرب، ما هو تعليقكم على ذلك؟ * تضرب العلاقات بين الصين والدول العربية بجذورها في أعماق التاريخ، وترجع إلى طريق الحرير القديم قبل أكثر من 2000 سنة. وخلال العصور الماضية، لم يحدث بين الصين والدول العربية أي حروب أو نزاعات، ولم تغزُ الصين شبراً واحداً من الدول العربية أو العكس، ولم يدعم أي من الطرفين عملاء للإضرار بالآخر. كما أنَّ الصين والشعوب العربية كانوا أصدقاء في الماضي، وفي الحاضر، وفي المستقبل سيبقون كذلك أيضاً. الصين، تحترم ميثاق الأممالمتحدة وأعراف العلاقات الدولية، وتلتزم بمبادئ المساواة في السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتدعم استكشاف الدول العربية لمسارات تنميتها الذاتية المستقلة، والتي تمتلك زمام مبادرتها، والعمل معاً لحل مشكلات المنطقة، وقد أطلقت الصين تعاوناً مع السعودية ومختلف دول المنطقة، وفي مختلف المجالات، وهي تهدف إلى خدمة المصالح المشتركة بين الصين والسعودية وشعوب المنطقة، ولا تستهدف أي طرف ثالث. نحن نرى أن الشرق الأوسط لا يوجد به "فراغ"، كما أنه لا يمثل فناء خلفياً لأي طرف، وشعوب الشرق الأوسط هم سادة المستقبل، ومصير أرضهم هو بأيديهم، كما يجب أن تكون معالجة شؤون الشرق الأوسط في أيدي هذه الدول. ولا تفرض الصين إرادتها حول القضايا الإقليمية على الآخرين، كما لم تسعَ قط لكسب أي مصلحة ذاتية جيو-سياسية، وليس لديها نية لملء ما يسمى ب"الفراغ". الصين، ترحب بكل تأكيد بأي دور بناء وإيجابي تلعبه الدول الكبرى في المنطقة، ومستعدة للعمل مع مختلف الدول، لتعزيز السلام والاستقرار والتنمية والازدهار. لا نفرض إرادتنا على الدول ولا نتدخل في شؤون الآخرين الأوضاع الدولية والإقليمية تمر حالياً بتغيرات عميقة وحرجة، كيف تعمل "بكين" في ظل هذه الظروف المعقدة على إنجاح مبادرتها ومشروعاتها المشتركة مع المملكة، مثل: (الحزام والطريق)، وكذلك (الشرق الأوسط الأخضر)، وغيرها؟ * تتمتع الصين والمملكة باستراتيجيات متطابقة، وتفاهمات متشابهة ومزايا متكاملة، مما يجعلهما شريكين قادرين على مواجهة تلك التغيرات العميقة والمعقدة، التي يشهدها العالم، وتدعو كل من الصين والمملكة إلى الحفاظ على النظام الدولي، القائم على "ميثاق الأممالمتحدة" والقانون الدولي، والالتزام بمفهوم الاحترام المتبادل، ومبدأ المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، وتعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في مختلف المجالات. وتُعد رفاهية شعبيهما هدفًا تنمويًا للجانبين، يتعاونان بطريقةٍ بناءة لتحقيقها، مما يضيف فرصاً إيجابية للسلام والاستقرار عالمياً وإقليمياً. ما حجم التبادل الاقتصادي والاستثماري بين المملكة والصين؟ * تُعد الصين أكبر شريك تجاري للمملكة، وكذلك المملكة هي أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وشمال أفريقيا. حيث تجاوز حجم التجارة الثنائية بين الصين والمملكة 100 مليار دولار أميركي لمدة عامين متتاليين، وهو ما يمثل أكثر من 35 % من إجمالي حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، خلال الفترة نفسها. وكانت قد انعقدت الدورة العاشرة من مؤتمر الأعمال العربي والصيني في الرياض في يونيو عام 2023، ووقعت الصين والمملكة اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، بقيمة أكثر من 10 مليارات دولار أميركي، شملت العديد من صناعات التكنولوجيا المبتكرة والمتقدمة. وفي نوفمبر من عام 2023، وقّع البنكان المركزيان على اتفاقية ثنائية لتبادل العملات المحلية بقيمة 50 مليار يوان / 26 مليار ريال سعودي، مما سيعزز تسهيل التجارة والاستثمار بين الطرفين. كم عدد السعوديين الذين زاروا الصين خلال العام الماضي 2023، خصوصاً أن السعودية من الدول التي يعطى لمواطنيها تأشيرات سياحية لبلادكم؟ وكم عدد الصينيين المقيمين في السعودية؟ * في سبتمبر من عام 2023، وقّعت الصين والسعودية مذكرة تفاهم، من خلالها تصبح المملكة رسميًا وجهة رئيسة للرحلات الجماعية الصينية. كما شهدت الأشهر الأخيرة زيادة عدد السياح الصينيين بشكل متسارع. وأطلقت الخطوط الجوية السعودية رحلات مباشرة بين جدةوالرياضوبكين في يوليو من العام الماضي، كما ستفتح شركات الطيران الصينية، مثل: خطوط "جنوبالصين" الجوية، وخطوط "شرق الصين" الجوية رحلات مباشرة جديدة بين البلدين في هذا الشهر. وفي عام 2023، قام أكثر من 30 ألف مواطن سعودي بزيارة الصين، كما أتى مئات الآلاف من المواطنين الصينيين إلى المملكة للسياحة والتجارة في الفترة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، يوجد كثير من المواطنين الصينيين في المملكة، وقد شارك بعضهم في بناء المشروعات الكبرى في المملكة، كموظفين في الشركات الصينية، ويقوم بعضهم بأنشطة تجارية واستثمارية في مختلف المجالات، ليكونوا الجسر الرابط بين الصين والمملكة في التعاون العملي والتواصل الشعبي. إلى أين وصلت مبادرة (الحزام والطريق) فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية للدول الواقعة على طول الحزام؟ * في عام 2013، اقترح الرئيس الصيني شي جينبينغ، مبادرة التعاون لبناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن 21"، ويُصادف هذا العام الذكرى السنوية الحادية عشرة لإطلاق المبادرة. وعلى مدى السنوات الماضية، جذبت هذه المبادرة أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم، وأكثر من 30 منظمة دولية. وفي الفترة من 2013 إلى 2022، بلغ إجمالي استثمارات الصين المباشرة في الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" أكثر من 180 مليار دولار أميركي. وقد تم إنشاء عدد من المشروعات المثالية ووضعها قيد التشغيل، مثل: الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وخط سكة الحديد بين الصين ولاوس، وميناء بيرايوس، وقطارات الشحن بين الصين وأوروبا. ووفقًا لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أنه بحلول عام 2030، سينتج البناء المشترك ل"الحزام والطريق" 1.6 تريليون دولار أميركي من الإيرادات العالمية كل عام، لقد أصبح "الحزام والطريق" منصة تعاون دولية مفتوحة شاملة ومتبادلة المنفعة ومربحة لكل الأطراف، ومنتجاً عالمياً يرحب به المجتمع الدولي. طرحت المملكة في عام 2016 رؤية 2030، فما الفرص التي خلقتها هذه الرؤية للشركات الصينية، في مجالات البنية التحتية والطاقة والإنتاج الصناعي؟ * خلال زيارة فخامة الرئيس شي جينبينغ إلى المملكة في عام 2022، وقعت الصين والمملكة خطة المواءمة بين "رؤية المملكة 2030" و"مبادرة الحزام والطريق" الصينية. وفي السنوات الأخيرة، شاركت العديد من الشركات الصينية بفاعلية في إنشاء البنية التحتية لمشروعات "رؤية 2030" الكبرى، بما في ذلك مدينة المستقبل "نيوم" وكذلك "ذا لاين" ومشروع البحر الأحمر. وميناء جازان الذي شاركت شركة "ميناء" الصينية في إنشائه، كما تقوم مجموعة "هندسة الطاقة" الصينية بإنشاء محطة الشُّعِيبَة للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بقدرة 2.6 جيجاوات في جدة، ويعد ذلك أكبر مشروع محطة طاقة كهروضوئية قيد الإنشاء في العالم، وبعد اكتماله ستنخفض انبعاثات الكربون بنحو 3.12 ملايين طن سنويًا، مما يعتبر مشروع تحول الطاقة النموذجي في المملكة. في مايو من عام 2023، استثمرت شركة "باوستيل" الصينية وأرامكو السعودية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي بشكل مشترك، في إنشاء أول مصنع ضخم للصلب منخفض الكربون في رأس الخير، حيث سينتج 4 ملايين طن من الحديد سنويًا بعد تشغيله في عام 2026، ونثق بأن التقدم المستمر ل"رؤية 2030" سيوفر المزيد من الفرص للشركات الصينية في المملكة. سعادة السفير، كيف تنظر للتحولات التي حققتها المملكة في النواحي الاجتماعية والتنوع الاقتصادي؟ * تغيرت المملكة بسرعة غير مسبوقة، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد، وأصبحت مجتمعها أكثر حيوية وانفتاحاً وشمولاً على نحو غير مسبوق، حيث دشنت المملكة سلسلة من المبادرات والأنشطة المثيرة في كثير من المجالات، خصوصاً في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة والسياحة وغيرها، التي جذبت ولفتت انتباه دول العالم. وما أعجبني أكثر، هو أن الشباب في المملكة مليئون بالحماس والشغف، كما أثق بأنهم سيلعبون دوراً متزايداً لتحقيق "رؤية 2030". وفي السنوات الأخيرة، حافظ الاقتصاد غير النفطي في المملكة على تطور سريع. ففي عام 2023، تجاوزت نسبة مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي 50 % لأول مرة، وهو إنجاز تاريخي. كما أن السياحة السعودية باتت مزدهرة وجاذبة، ففي العام الماضي، تم تحقيق هدف "استقبال 100 مليون سائح" الذي طرحته "رؤية 2030" قبل الموعد المحدد له. وبالإضافة إلى ذلك، ستستضيف المملكة معرض "إكسبو" العالمي في عام 2030. ويمكن القول إن المملكة قد أصبحت من أكثر الوجهات الاستثمارية جاذبيةً في العالم. وأثق بأنه في ظل القيادة الحكيمة لقادة المملكة، سيحقق التنوع الاقتصادي السعودي نجاحاً أكبر في المستقبل. المملكة أصبحت وجهة رئيسة للرحلات السياحية الصينية شهدنا اعتماد خطة العمل المشتركة خلال القمة الصينية الخليجية، في أول قمة تعقد من نوعها. كيف سينعكس ذلك على ضمان مرور سلاسل الإمداد والطاقة والأمن الغذائي العالمي؟ * في السنوات الأخيرة، حافظت العلاقات الصينية الخليجية على وتيرة مستقرة وشاملة، ففي ديسمبر من عام 2022، عُقدت قمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية "الأولى" في الرياض. اعتمد الجانبان خطة العمل المشترك للفترة المقبلة (2023-2027م) واتفق الجانبان على العمل لضمان مرونة سلاسل الإمدادات، وأمن الغذاء والطاقة، وبناء علاقات أكثر موثوقية في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة. وفي أكتوبر من عام 2023، انعقد منتدى التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومجلس التعاون الخليجي في مدينة غوانغتشو الصينية، وتبادل الجانبان الآراء في المجالات الصناعية والاستثمار والتجارة والأعمال. ويلتزم الجانبان دائماً بالنظام الاقتصادي والتجاري الدولي والكسب المشترك، وتسهيل التجارة والاستثمار، وعدم تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية. مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو الشريك والمورد الموثوق للصين للنفط الخام، وتعد المملكة من بين أكبر عشرة مصادر لاستيراد النفط في الصين، ونحن نقدر الدور المهم والإيجابي للمجلس الخليجي في الحفاظ على استقرار سوق الطاقة العالمية، ونحن على استعداد للحفاظ على الاتصال الوثيق مع المجلس، لمواجهة المخاطر والتحديات بشكل مشترك. في القمة الصينية العربية، تم الاتفاق على بناء علاقات جديدة تعزيز قيم التضامن والتعاون، نحو نهضة شاملة للجانبين. كيف يمكن تفعيل هذه الخطوات والشراكات في إحلال السلام والأمن في دول العالم العربي، ودفع عجلة التنمية فيها، ولا سيما أن بعضها يشهد حالياً صراعات دامية وأحداث عنف وأزمات اقتصادية؟ * في ديسمبر من عام 2022، عُقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض، واتفق الجانبان على بناء المجتمع "الصيني-العربي" لمستقبل مشترك نحو عصر جديد، والعمل على الدفع ب"الأعمال الثمانية المشتركة"، التي تشمل: تدعيم التنمية، الأمن الغذائي، الصحة، التنمية الخضراء والابتكار، أمن الطاقة، الحوار بين الحضارات، تأهيل الشباب، الأمن والاستقرار. لقد ظلت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية على مر السنوات. ففي عام 2022، تجاوز حجم التجارة بين الصين والدول العربية 430 مليار دولار، أي ضعف ما كان عليه قبل 10 سنوات. كما تجاوز حجم الاستثمار المباشر المتبادل 30 مليار دولار، بزيادة تقارب ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل 10 سنوات. وقد وقعت الصين وثائق للتعاون في بناء "الحزام والطريق" مع 22 دولة عربية والجامعة العربية. وينفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون ضخم في مختلف المجالات، وتعود نتائج ذلك التعاون بالنفع على شعوب الجانبين، البالغ عددهم نحو ملياري نسمة. وقد تأسس منتدى التعاون الصيني العربي في عام 2004، ليصبح منصة مهمة للجانبين لإجراء حوار متكافئ. إضافة إلى ذلك، انضمت 12 دولة عربية إلى "مجموعة الأصدقاء لمبادرة التنمية العالمية" التي أطلقتها الصين. إن الشرط الأساسي للتنمية هو "الأمن والاستقرار" والصين تبذل قصارى جهدها لحل القضايا الساخنة في الشرق الأوسط من خلال الحوار. وقد طرحت الصين مبادرة "الأمن العالمي" وعقدت الدورتين من منتدى أمن الشرق الأوسط، للدعوة إلى إقامة إطار أمني مشترك ومتكامل ، وتعاوني ومستدام في الشرق الأوسط. وفي العام الماضي، وبمشاركة من الصين، تمت إعادة العلاقات بين المملكة وإيران، واستِئْنَاف الحوار بينهما. سننشئ في جدة أكبر محطة كهروضوئية في العالم ماذا عن تعليم اللغة الصينية في المدارس والجامعات السعودية، وكيف رأيتم الإقبال على دراستها؟ * خلال زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين عام 2019، تم الإعلان عن إدراج اللغة الصينية في النظام التربوي التعليمي السعودي، وتزايد بعد ذلك بشكل ملحوظ إقبال السعوديين على تعلم اللغة الصينية. وفي عام 2022، خلال زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى المملكة، تم توقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون التعليمي في مجال اللغة الصينية، بين وزارة التربية والتعليم الصينية ووزارة التعليم السعودية. ثم في شهر أكتوبر من العام الماضي، خلال زيارة وكيل وزارة التعليم السعودية إلى الصين، تم توقيع برنامج تنفيذي لتعزيز التعاون في تعليم اللغة الصينية بين الجانبين. كما تم إطلاق تخصصات اللغة الصينية في أربع جامعات سعودية في الوقت الراهن، وتدشين وتشغيل معهد كونفوشيوس في جامعة الأمير سلطان، وتزايدت أعداد المدارس والمؤسسات الاجتماعية في فتح مقررات اختيارية للغة الصينية. منذ عام 2019 عملت سفيراً للصين في المملكة، هل لديك كلمة تحب توجهها من خلال "الرياض" في نهاية هذا الحوار؟ * المملكة هي البلد الذي عملت فيه لأطول فترة في مسيرتي الدبلوماسية. وأنا أحمل مشاعر صادقة لهذه البلاد وشعبها، وأعتبر المملكة بلدي الثاني، وأود أن أشكرهم على تقديم كل التسهيلات للقيام بأعمالي ومهامي. أعتقد أن السنوات الخمس الماضية كانت هي الفترة الذهبية للعلاقات الصينية – السعودية، حيث شهدت تطوراً سريعاً وكبيراً. في تلك الفترة، قام فخامة الرئيس شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى المملكة، وتحدث قادة البلدين هاتفياً ثماني مرات، كما زاد حجم التجارة الثنائية من 78 مليار دولار، في عام 2019 إلى أكثر من 100 مليار دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 40 ٪ تقريباً. في هذه الفترة، حققت الصين والمملكة تقدماً كبيراً في التعاون السياحي والتعليم والثقافة وغيرها. وأستطيع تلخيص العلاقات بجملة واحدة "طريق الحرير القديم عاد اليوم لحيويته، والعلاقات تعيش ربيع أخضر". ولا يفوتني أن أشير إلى أن جريدة "الرياض" هي أول وسيلة إعلامية أجريت مقابلة معها عند وصولي إلى المملكة في عام 2019. واليوم أجري مقابلتي الأخيرة معها قبل مغادرة المملكة، ولها مكانة خاصة بالنسبة لي. آمل أن أعود إلى المملكة في عام 2030 لأشهد تحقيق "رؤية 2030"، وأتمنى لكل السعوديين عيد فطر سعيد ومبارك. سفيرة الجمهورية العراقية خلال حديثها للزميل عبدالعزيز الشهري (عدسة/- بندر بخش)