لا يشبه «داعش» أي تنظيم سياسي أو عسكري إرهابي في العالم. هناك نماذج كثيرة سبقته في التاريخ في الغرب والشرق، كما في الشمال والجنوب من هذه الكرة الأرضية. إلا أنّ كل هذه النماذج لا يمكن أن تشبه «داعش» بمكان. هو تنظيم «حسب الطلب» ويمكن أن نطلق عليه «دليفري الإرهاب» أي خدمة التوصيل الإرهابي في كل أنحاء العالم وقاراته؛ أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا. هو في خدمة كل الأنظمة والأجندات والمشاريع، مستعد لتأمين طلبات القتل والإرهاب تفجيراً، أو بإطلاق الرصاص، وصولاً إلى الذبح بسكين. في موسكو، في ذاك الحفل الجماهيري الكبير، أطل «داعش» مجدداً و«حسب الطلب» لزوم التجاذب في العالم بين الكبار من مجلس الأمن مروراً بأوكرانيا، وصولاً إلى الصين. أربعة إرهابيين تمّ تجنيدهم عبر تطبيق في العالم الافتراضي، اتفقوا على الأجر وعلى المهمة. المبلغ المفاجئ ليس بالكبير؛ 5,000 دولار كلفة خدمة التوصيل الإرهابي في العاصمة الروسية، فكيف في عواصم دول العالم الثالث الفقير؟ «داعش» لم يعد تنظيماً إرهابياً وحسب، ولم يعد صاحب قضية ينادي بها الكبير وتُلقّن للصغير. لقد خسر هويته المزورة التي بدأت في بلاد الرافدين في الموصل قبل زمن ليس بالبعيد. خسر الدعاية التي صُنعت تحت اسمه وسقط القناع عن الوجه القبيح. هو تنظيم إرهابي يؤمن بخدمات قتل الأبرياء، وسبي النساء، وتفجير المؤسسات العامة والخاصة، وزعزعة الأمن والاستقرار، وإرهاب المدنيين، وتشويه صورة الدين الإسلامي. «داعش» في مهماته كلها التي ذكرناها، بات مجموعة إرهابية في خدمة أنظمة الدول التي تعبث بالأمن والاستقرار العالمي. «حسب الطلب».. يتغيّب لزمن ثم يعود فجأة، لا لشيء إلا لأنه فقط مكتب لخدمة التوصيل. لم نسمع عنه من أجل القضايا الكبرى وأبرزها قضية فلسطين. نراه ينفّذ أجندات غريبة لمعرفة أبعادها نحتاج ليس إلى محلل سياسي بل إلى منجّم كبير. في موسكو كان «داعش» يقتل الناس حتى تجاوز عدد الضحايا ال100 ببعض العشرات، وفي المكان نفسه كان هناك شاب مسلم اسمه «إسلام» أنقذ المئات من المدنيين من سكين التنظيم الإرهابي ودلّهم على أفضل مخرج من ذاك الجحيم. «إسلام» كان اسماً على مسمى وقدّم صورة مشرفة عن دينه الحنيف. أما «داعش» فلم يقدّم إلا السوء والشر والسمعة السيئة للدين الإسلامي. ملاحظة أخيرة؛ الأكثرية العظمى من ضحايا «داعش» هم من المسلمين. «داعش» سيغيب بعد مجزرة موسكو ليس لوقت طويل. هو ينتظر جرس الهاتف، حيث على الخط معه دولة أو جهاز يقول «نريد في سياق الإرهاب خدمة التوصيل».