مرةً أخرى، تحمل لنا السعودية الجديدة إنجازاً دولياً يجسِّد المكانة المرموقة التي تتبوأها المملكة. ومرةً أخرى، تؤكد نجاحاتها المتكررة في المعترك السياسي الدولي، وتوجِّه الانتباه إلى الديناميكية اللافتة في السياسة الخارجية التي أسهمت في تمتين قدرة المملكة على التأقلم مع الظروف والمتغيرات الدولية. وبلا ريب، أنّ هذه النجاحات المبهرة تعود إلى رؤية 2030 لولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، الذي أعلن، مبكراً، أنّ الرياض جاهزة لاحتضان العالم في إكسبو 2030، والوفاء بما تضمنه الملف من التزامات للدول المشاركة لتحقيق الموضوع الرئيس للمعرض «حقبة التغيير: معاً نستشرف المستقبل» وموضوعاته الفرعية «غد أفضل، والعمل المناخي والازدهار للجميع». هذه المحطة تحمل العديد من الأهداف والرؤى، سواء على مستوى تعدد وحيوية المجالات الاقتصادية الاستثماريّة، أو بلورة مفاهيم الانخراط في الشراكات الدولية الإقليمية. فوز مدينة الرياض مؤخراً باستضافة معرض إكسبو 2030؛ الذي يقام كل خمس سنوات، أثبت قدرتها التنافسية مع قوى دولية مهمة مثل إيطاليا وكوريا الجنوبية، ما حقق الدعم والتأييد من الجولة الأولى في الاقتراع بثلثي أصوات الجمعية العامة في دورتها 173. هذا دليل ساطع على ثقة المجتمع الدولي بالمملكة، وقيادتها الفاعلة التي جعلت السعودية تحتل محور الارتكاز في حركة العلاقات الدولية؛ نظراً لإيمانها بالمسيرة التنموية، وتتويجاً لما تشهده المملكة من تطور في الوعي الجمعي والرقمية، والانتساب إلى المستقبل. استضافة الرياض لمعرض إكسبو 2030 سيكون، كما وعد سمو الأمير، علامة فارقة في تاريخ معارض إكسبو، إذ ينعقد الأمل على جعله حدثاً استثنائياً من حيث نوعية البرامج لدعم الدول النامية ومواضيع التغيُّر المناخي، فهذا المعرض يعدُّ من أكبر الفعاليات الدولية غير التجارية، لا سيما من حيث تعزيز العلاقات الدولية والاحتفاء بفتح آفاق جديدة، وإيجاد بيئة خصبة للتنوع الثقافي والفني والتقني والمعرفي. هذه الثقة العالمية تجعل الرياض في قلب العالم. الإنجازات العظيمة المتواترة في السنوات الأخيرة جعلت الرياض بؤرة لنشاط دبلوماسية تعزيز التعاون الدولي، بما يخدم الأمن والسلم الدوليين، ويسهم في تخفيف التوترات والحروب. وما توالي القمم في الرياض مؤخراً إلا نموذج على السياسة الحكيمة للمملكة ومواقفها المبدئية ضد الظلم والعدوان، كما هو الحال في إدانتها العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة. المملكة تشهد نقلة نوعية لا مثيل لها، ما خلق واقعاً جديداً يقوم على سياسة تنويع اقتصادها، واعتمادها مفاهيم التنمية المستدامة، وتكريس مكتسباتها في تحولها البنيوي؛ وفق رؤية حكيمة وسياسة جديدة تقوم على الانفكاك من تبعات العلاقات الماضية، والانتساب إلى التوجه الجديد المبني على المصلحة الوطنية، ومسايرة الرَكب في التطور والبناء. هذه الديناميكية جعلت المملكة محط الثقة الدولية، وهي جديرة بذلك، وستكون على قدْر التحدي.