منذ تأسيس السعودية على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وهي امتداد عربي أصيل، حافظ جلالته على مكاسبه وقيمه وأخلاقياته، المنبثقة من ثقافة وتراث مجتمعي لأبناء البادية والقرى والمدن التاريخية ذات الإرث الخاص والأصيل. في مجالسهم العربية التقليدية منذ القدم، للشيخ والعوارف وشاعر القبيلة وأبنائها، أدبيات غير واردة في فضاءات اجتماعية أخرى، صوتهم واحد وموقفهم هو موقف الشرف والحكمة والوحدة. لم تولد من مظاهر الغوغائية والتحزبات والعبث. وحدة هذه البلاد هي وحدة شديدة المعاني، إضافة إلى وحدة الأرض الشاسعة والحدود، هنالك وحدة موقف وكلمة وشعور وطني عميق. أسس لها الملك المؤسس؛ مفهوماً وسلوكاً عاماً. وتنامت مع الأجيال اللاحقة، حتى استطاعت التصدي للعديد من التحديات الخارجية وعبر مختلف الأزمات التي تعرضت لها بلادنا. لا أصوات متنافرة أو تصورات متفاوتة، بالرغم من محاولات الأعداء في بث سموم الفرقة والتشتيت. لدينا سياق مختلف نؤمن به ونعمل في أضوائه. لأننا ببساطة، موطن العروبة والإسلام، وهذه ليست شعارات كما يتصور البعض، بل إنها حقيقة على أرض الوطن، في الامتداد الجغرافي الكبير من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب، ومن أقصى الغرب حتى سواحل الشرق امتداد تاريخي عربي أصيل. فلذلك صوت الملك في كل مراحلنا التاريخية، هو صوت المواطنين، وموقف القيادة هو الموقف الذي يعبّر عنا، وليست بأصوات الشارع والمنابر والمقاعد الحزبية التي تسود فيها الفوضى وتغلب على مواقف الحكمة والرأي السديد والرشيد. بناءً عليه هل يتوقع منا المثقف والمفكر والمحلل العربي، كمثقفين مثله، أن نخرج عن هذا السياق الاجتماعي والوطني؟ لدينا فهمنا الخاص وثقافتنا المتجردة من الإملاءات الفكرية المختلفة تماماً التي تتوافق مع قيم أصيلة ومنظور في مستوى آخر عما يرغبونه أو يتصورونه. لدينا إيمان مطلق بحجم هذه التركة التي هي قدرنا العظيم منذ عهد الملك المؤسس حتى يومنا الحاضر، بلاد شاسعة من الحدود والثقافات والخيرات التي يجب المحافظة عليها؛ اعتقاداً عميقاً وتمسكاً دائماً أشد أهمية من أفكار تقوم على التنظير الساذج والانفعالات غير الواقعية. طالما نحن بكل وعي وصدق نصطف خلف قيادة مسؤولة وقادرة عبر العديد من التجارب من تقديرات سياسية موفقة ورؤية دولية حكيمة، نحن في غنى عن الانجراف في تيارات من لا يريدون بنا وببلادنا خيراً. مدعاة كل هذا الحديث هو الرد على بعض الأصوات الرخيصة، من خارج بلادنا، التي تطالب المثقف السعودي بالتعبير والتنديد واتخاذ موقف في الصراعات التي تقع خارج بيتنا السعودي، لأجل كسب تقدير كاذب أو مكانة زائفة. نحن أكثر وعياً وحرصاً من ذلك. والتجارب علمتنا الكثير بأن السعودية فضاء عريق ومواطنة فريدة من نوعها.