طرأت في بالي مجموعة أسئلة حين بدأت الكتابة عن «الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام»، هذه ثلاثة والبقية في فحوى المقالة: كيف يمكن تحقيق المعادلة لتشكيل الرأي العام والتمتع بالمصداقية والدقة دون الانحدار نحو «التريند»؟ وكيف تُسخَّر الأدوات الحديثة للذكاء الاصطناعي لخدمة الأهداف دون أن يؤثر على المهنية؟، وكيف يمكن اللحاق بالتطور الحادث كل ثانية ونستعد له؟ هذه المهمة بلا شك صعبة، ومواكبة ما يحدث في هذا المجال تحدٍ عظيم، وكما قال «ديريك بوك»: «إذا كنت تعتقد أن التعليم باهظ الثمن فلتجرب الجهل»، هذا يعني لا نلوم إلا أنفسنا إن لم نستطع اللحاق بهذا الركب، فهي حرب جديدة وأدواتها التزييف العميق وأهدافها نشر الأخبار الكاذبة. لم يعد أمراً مدهشاً أن تجد شخصية مهمة تتحدث في مقطع عن قضايا مصيرية تستهدف تدمير علاقات بين دول، وتكتشف أن المقطع لا يمت للحقيقة بصلة، هو مفبرك بطريقة التزييف العميق، رغم تطابق الصوت والصورة! أي رعب هذا؟! وماذا ينتظرنا في المستقبل؟! أصبحت مهمة التحري والتدقيق مهمة أشبه بالمستحيلة، فماذا إذاً عن المستقبل؟! وكيف نتوقع ما سيفعله الذكاء الاصطناعي في تزييف المعلومات؟! علينا أن نستعد لهذه الحرب الجديدة ونتسلح بالمعرفة على مدار الثانية، فلم يعد الخوف من الذكاء الاصطناعي يقتصر على الاستغناء عن دور الإنسان في بعض الوظائف وتقليص دوره، بل امتد لأبعد من ذلك فقد يُشعل حروباً ويهدم دولاً. بلا مبالغة، الأمر خطير ويستدعي وعياً كبيراً وحرصاً من كل إعلامي على التطور والتعلم بشكل مستمر لمواكبة ألاعيب الذكاء الاصطناعي خصوصاً في ما يخص التزييف العميق، يجب أن تستعد المؤسسات الإعلامية برفع مستوى الوعي لدى العاملين بها من خلال دورات تدريبية في مجال الذكاء الاصطناعي، فتعلُّم كل ما يخص الذكاء الاصطناعي في مجال صناعة الإعلام أصبح أمراً حتمياً لا مفر منه، وكما يقول «روجر فريتس»: «إن توقفك عن التعلم لقلة الوقت يشبه إيقاف ساعتك على أمل تثبيت الزمن».