نعتقد دائماً أن أمور حياتنا التي لم نخطط لها جاءت ب«الحظ»، ونظل سنوات نُعوِّل على هذا «الحظ» ونُلقي باللائمة عليه، إلا أن الحقيقة تقول «كلّ ميسر لما خلق له»، وأن منبع «الحظ» هو قدراتنا ومهاراتنا وتلك الحكمة التي أودعها الله فينا من الداخل، فأنا مؤمنة جداً بأنه «إذا جاءت الفرصة متوافقة مع مهارات الشخص جاء الحظ». على سبيل المثال؛ قيل ذات يوم لعنترة العبسي، المشهور في الجاهلية ببطولته: أنت أشجع العرب وأشدهم بطشاً، فقال: «لا»، فسألوه: كيف شاع لك هذا بين الناس إذن؟ فقال: إنني أتبع في القتال ثلاث قواعد بحكمة.. هذه القواعد تتلخص في التالي: أولاً: يُقْدم إذا رأى الإقدام عزماً، ويحجم إذا رأى الإحجام حزماً. ثانياً: لا يدخل مدخلاً إلا إذا رأى منه مخرجاً. ثالثا: يهجم على الضعيف أولاً فيضربه ضربة يهلع لها قلب الشجاع ثم يرجع إلى الشجاع فيضربه. طريقة عنترة مليئة بالدراية والحكمة والمهارة، لذلك توافقت معها الفرص الكثيرة وتجلت لنا شخصيته بهذا الحجم. مواقف الحياة من أفكار وأشخاص تشبه مواجهة الأبطال، تحتاج منا إلى حكمة ومناورة والميل إلى ما يشبهنا من مهارات وحركات وسكنات، فالاعتماد على «الحظ» دون الاهتمام بصقل ذواتنا من الداخل هي بمثابة «فقاعة صابون» لا يمكننا الاعتماد عليها، لا وجود للحظ إلا في حالات بسيطة جداً لا يمكننا أن نُعوِّل عليها. أخيراً.. بذل الأسباب مهم جداً ومن قبل التوكل على الله وترك أمر تحقيق المعجزات له سبحانه وتعالى، فالحظوظ قد تتأخر، وقد تضيق الحِيَل وتغلق الأبواب، إلا أن بعد كل ضيق سعة، وفي ذلك يقول المثل الفرنسي: «كلما اشتد الظلام ازداد لمعان الشمس».