تملك المملكة تجربة رائدة في تحلية المياه، وتعد اليوم نموذجاً عالمياً في تحقيق الاستدامة والابتكار والنمو في هذا القطاع الحيوي لتعزيز الأمن المائي، فالمملكة تنتج حاليا 11.5 مليون متر مكعب يومياً من المياه المحلاة مما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم ! من المهم هنا الإشارة إلى أن البحث والابتكار في تطوير تقنيات التحلية بما يرفع الجودة وكفاءة التشغيل وخفض التكلفة كان وما زال في صلب استراتيجية عمل المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، لتعزيز الأمن المائي وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للمياه بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 ! كما أن تبني أحدث التقنيات وأفضل الممارسات من أجل التحسين المستمر لمؤشرات الكفاءة التشغيلية لخفض تكاليف الإنتاج واستهلاك الطاقة، كما أشار محافظ المؤسسة المهندس عبدالله العبدالكريم في تقرير الاستدامة 2022، أسهم في خفض الانبعاث الكربوني، حيث تم استبدال التقنيات الحرارية لإنتاج المياه المحلاة بتقنيات النضح العكسي الصديقة للبيئة ! تكامل وتعزيز تعاون المؤسسة مع الأطراف المعنية يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومنها القضاء على الفقر من خلال التعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بهدف دعم مشاريع المياه والإصحاح البيئي، وكذلك تعزيز مستوى الوعي بالسلامة والصحة المهنية، وهو ما نجحت فيه المؤسسة بتحقيق معدل صفر من الوفيات خلال السنوات الأربع الماضية، ولا بد من الإشارة إلى دور الأكاديمية السعودية للمياه في تأهيل محترفي صناعة المياه على مستوى المملكة، حيث تم تدريب 9,974 متدرباً من خلال 545 برنامجاً متخصصاً ! ويجب التنويه بمساهمة المؤسسة في التحول إلى مصادر طاقة جديدة، حيث تم تصميم وتنفيذ محطات متنقلة تعتمد على الطاقة الشمسية، وأطلقت مؤخراً مشروعاً يركز على نظم الخلايا الشمسية الكهروضوئية، ومنها أجزاء على المسطحات المائية مما ساهم في زيادة إجمالي طاقة التوليد من المصادر المتجددة إلى 120 ميجاواط، ولا بد أن أضيف تحسين الإنتاج المحلي للعمليات، حيث زاد المحتوى المحلي بنسبة 22% عن العام الماضي للوصول إلى 61.4% ! يحسب للمؤسسة قيامها بتشغيل أول منظومة تجارية في العالم باستخدام تقنية النانو لإنتاج المغنيسيوم وضخه في المياه المنتجة، للمساهمة في تعزيز الصحة ورفع جودة الحياة باستخدام تقنية التناضح العكسي ! وكان لافتاً في تقرير الاستدامة الإسهام في دعم التوجهات الرامية لحماية البيئة بما يتوافق مع رؤية المملكة ومبادرة السعودية الخضراء «زراعة 5 ملايين شجرة تخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 120 ألف طن سنوياً»، من خلال تنويع مصادر الطاقة المتجددة ورفع استخدام الطاقة النظيفة إلى 770 ميجاواط وتنفيذ خطة الحياد الكربوني، حيث تم استبدال التقنيات الحرارية بتقنية الناضح العكسي في 8 منظومات إنتاج من أصل 13، وجارٍ العمل على استبدال المتبقي بحلول عام 2025، كما ساهم إنشاء منظومات إنتاج بطاقة كهروضوئية تصل إلى 120 ميجاواط في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 149 ألف طن سنوياً، والهدف أن يصل الخفض إلى 810 آلاف طن سنوياً، بينما يهدف استبدال استخدام الوقود السائل بالغاز الطبيعي إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 4.59.000 طن سنوياً ! ما بين جهازي تكثيف وتقطير مياه البحر في الكنداسة عام 1928، ومنظومة المياه المحلاة المتقدمة اليوم تاريخ طويل يشهد على النقلة الهائلة لقطاع تحلية المياه، والإرادة الصلبة والإدارة الكفؤة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للبلاد المترامية الأطراف وتحقيق الأمن المائي وفق معايير تقنية وبيئية لافتة ! باختصار.. لدينا في قطاع تحلية المياه قصة نجاح نستطيع أن نرويها بكل فخر على مستوى العالم !