في حوش غير مكتمل، تتناثر غرف مغلقة مكتظة بالنفايات ونشارة الأخشاب، وبعيداً عنه «فيلا» حديثة البناء تتلاعب بصحة الناس وخداع المستهلكين وإيقاع الضحايا فريسة للمنتجات المغشوشة.. «المعسل» بأنواعه ونكهاته في عين العاصفة، تعددت طرق الغش التي لا يكتشفها إلا أصحاب الخبرة من عشّاق «الشيشة». الغش في صناعة المعسل مكونات مختلفة تبدأ بخلط المعسل بنشارة الخشب ومادة الجلسرين، وآخرون يمزجونها مع بواقي الشاي وتلوينها ومزجها بروائح الفراولة والعنب والتوت والخوخ والتفاح والنباتات العطرية، ثم تعبئتها في عبوات المعسل المقلدة والمغشوشة بأسماء ماركات مشهورة، ليصبح الشكل الخارجى مطابقاً لمنتجات شركات ومصانع معروفة، وتعتمد طرق التلاعب والغش على الأصباغ والملونات والنكهات، ولا يستطيع المدخن أو صاحب المقهى اكتشافها، إلا إذا كان مدخناً خبيراً، فالمغشوش أسود اللون سريع الاشتعال والاحتراق يصيب متعاطيه مع الزمن بأمراض صدرية وآلام في الحلق والعينين. العاشقون يتحدثون ! عبدالعزيز طاهر، أحد عشاق المعسل منذ سنوات، أشار إلى أن التلاعب الذي تشهده صناعة المعسل، منذ فترة، أصابته بأمراض صدرية، فالغالب أن المدخن لا يستطيع التفريق بين المنتج المغشوش وغير المغشوش، وكلاهما مضر «نعلم ذلك ولكن ماذا نفعل، حاولت الإقلاع ولم أستطع». أما (أفنان) فقد اختارت التحول إلى المعسل الإلكتروني بعد انتشار كثير من المعسلات المغشوشة بنشاره الخشب بعد إصابتها بالسعال الذي استمر أسابيع، ولم تكتشف السبب إلا بعد أن توقفت عن المعسل المغشوش؛ الذي أرهق شعبها الهوائية. ويشير سعيد نعمان (أحد ملاك المقاهي) إلى وقوعه، مرات عدة، في حبال الغشاشين وصناع المرض عبر مناديب يحضرون لبيع ما لديهم بأسعار منخفضة تغري العاملين في هذا المجال، وبعد شرائها يتضح أنهم وقعوا في الفخ. ويؤكد نعمان أن بعض المحلات تتعمد شراء المنتجات المغشوشة؛ بهدف تحقيق ربح أكبر، ويتم ذلك ببيعها للمدخنين، خاصة أن بعضهم لا يستطيع التمييز بين الأصلي والمغشوش. ليات الهربس أطباء الأمراض الصدرية حذروا من زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان وأمراض القلب والرئة والأوعية الدموية، كما يصاب المدخن بأمراض اللثة والأسنان، ناهيك عن العدوى من استخدام ليات وفلاتر الشيشة والمعسل وتبادلها، فاستخدام أنبوب غير نظيف أو مشاركته مع آخرين أمر محفوف بالمخاطر؛ إذ يزيد من احتمالات الإصابة بالإنفلونزا، والسل، والهربس، والتهاب الكبد، وكورونا. كما حذر الأطباء من الخطورة الأكبر على حياة الجنين للأم المدخنة. ممنوع دخول الصغار كشف المستشار القانوني رامي الشريف ل«عكاظ»، معاقبة باعة التبغ ومشتقاته للأطفال بغرامة مالية مقدارها خمسة آلاف ريال، مضيفاً أن نظام مكافحة التدخين شدد على منع دخول من يقل عمره عن 18 عاماً إلى مواقع المدخنين التي يتم تخصيصها لهم. وأوضح أن نظام مكافحة التدخين أكد، في المادة الثانية، أن التدخين هو تعاطي التبغ ومشتقاته، ويشمل ذلك السجائر والسيجار والجراك والتنباك والمعسل وأي منتج يدخل التبغ في مكوناته، سواء تم ذلك عن طريق السجائر أو السيجار أو الغليون أو النشوق أو الشيشة أو المضغ أو التخزين أو أي طريقة أخرى. وشدد النظام على حظر زراعة أو تصنيع التبغ ومشتقاته في السعودية، ويعاقب مخالف هذه المادة بغرامة مالية مقدارها 20 ألف ريال مع إزالة المخالفة على حسابه. وبين الشريف أن المادة الثانية من نظام مكافحة الغش التجاري نصت على أن كل من خدع أو شرع في الخداع أو شرع في غش المنتج عوقب بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بهما معاً. ضبط المخالفين أكدت وزارة التجارة، ضبط مخالفي الأنظمة التجارية، واستكمال تطبيق الإجراءات النظامية ضدهم بالنظر لما يترتب عليه من غش وخداع المستهلكين، وينصُّ نظام مكافحة الغش التجاري على فرض عقوبات تصل إلى السجن ثلاث سنوات، وغرامات مالية تصل إلى مليون ريال، أو بهما معاً، وعقوبة التشهير وإبعاد العمالة المخالفة ومنعها من العودة للعمل، وتحث الوزارة عموم المستهلكين على الإبلاغ عن المقرات والمنشآت المخالفة عبر تطبيق «بلاغ تجاري». هل تستحقون التعويض ؟ أكّدت النيابة العامة، أنه يحق للمستهلك حيال السلعة المغشوشة طلب التعويض عن الضرر المترتب على ذلك الغش، وإعادة قيمة المنتج المغشوش إلى المشتري. وأوضحت أن الأحكام تطبَّق بشرط عدم الإخلال بحق من أصابه ضرر في التعويض نتيجة ارتكاب إحدى المخالفات المنصوص عليها. وبينت النيابة، أنه يحق للمستهلك حيال السلعة المغشوشة طلب التعويض عن الضرر المترتب على ذلك الغش، وإعادة قيمة المنتج المغشوش إلى المشتري، وهذه الأحكام تطبق بشرط عدم الإخلال بحق من أصابه ضرر في التعويض؛ نتيجة ارتكاب إحدى المخالفات المنصوص عليها في نظام مكافحة الغش التجاري، ولفتت إلى أن الشروط والإجراءات التي تحددها اللائحة تُلزم المخالف بسحب المنتج المغشوش وإعادة قيمته إلى المشتري. وحذرت النيابة من الممارسات التي يُقصد بها الغش التجاري في شأن أي منتج، وتعد جريمة كبيرة موجبة للتوقيف إذا كان المنتج المغشوش أو المواد المستعملة في غشه مضرة بصحة وسلامة الإنسان أو الحيوان. الجلسرين والفخفخينا رصدت «عكاظ» كشف ممارسات خبيثة داخل أحواش جنوب وشرق جدة، وأخرى في استراحات دهمتها فرق أمانة جدة أخيراً؛ آخرها ضبط فيلا بحي الحمدانية تستودع نصف طن من المعسل المغشوش، تمت مصادرته وإتلافه. وسجل المتورطون من جنسيات عربية أمام لجنة رباعية ضمت أمانة جدة وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك ووزارة التجارة وقوة الضبط الميداني بشرطة جدة، وقالوا إنهم هربوا من وكر آخر في حي الخمرة، وإنهم توقعوا أن عين الرقابة لن تصطادهم في الحمدانية، وأرشد المتورطون إلى خلطتهم السرية المعسل، التي تعتمد على أوزان وبانيو لخلط معسلات مغشوشة ومواد رخيصة وإضافة ألوان ونكهات منتهية الصلاحية، وتتم التعبئة بأنواع وماركات لعلامات تجارية معروفة ومشهورة في علب مفرغة واستخدام مكائن الكبس الحراري ومكائن تغليف وماكينة مطبوعات تستخدم في الطباعة وتسويقها لنقاط بيع مختلفة. واعترف المتورطون بوجود متعاونين معهم من جنسيتهم يعملون في محلات بيع المعسل، وأن سر صناعة المعسل المغشوش تعتمد على إضافة الجلسرين، لأنه يزيد من كثافة «نفث» الدخان؛ فضلاً عن النكهات المختلفة، خصوصاً تلك التي تعرف بنكهة «الفخفخينا».