لا تكاد تجد دولة لا تشكر المملكة العربية السعودية على إجلاء رعاياها من السودان، من الهند إلى كوريا الجنوبية مروراً بدول أوروبية وأمريكا، وصولاً لجل الدول العربية وحتى الشرق أوسطية كإيران. هذا الإجلاء بعد انفجار الجنرالات في السودان، مؤشر على قدرة المملكة ومكانتها رغم تعذر وقف إطلاق النار، واستمرار الخروقات مرات عدة، مع إقرار دول عدة أخرى بوجود صعوبات على الأرض لإخراج مواطنيها. بالقرب من السودان، تمتلك السعودية احتراماً كبيراً من الأطراف في ليبيا، مقدرين لها موقفها الذي يدعو لحل ليبي تحترمه كل الأطراف، بعيداً لأي انحياز من طرف لآخر، في ملعب كان واسع الاستقطاب في العقد الماضي. وربما لو نظرنا للمسرح الأوكراني، يتضح لنا مجدداً أن الموقف السعودي الحيادي، كان مؤثراً على مستوى تبادل الأسرى بين الطرفين، وكان رداً حاسماً على الأصوات التي أتت من أمريكا للحديث عن أن معدلات إنتاج أوبك بلس، يرتبط بموقف السعودية الداعم لروسيا في معركتها العسكرية، ومعركتها للتصدي للعقوبات الأمريكية والأوروبية، وهو ما أُثبت أنه غير صحيح إطلاقاً بعد أن ولت غيمة الانتخابات النصفية في واشنطن. هذه السياسة تمتلك أهمية كبيرة، أولاً لأنها تأتي من طرف وازن ومؤثر بشكل كبير في المنطقة، تبعاً للمكانة السياسية والاقتصادية التي يمتلكها، ومن جهة أخرى فهي ضرورة للمنطقة، التي عانت كثيراً منذ الربيع العربي. ثالثاً وهو أمر بالغ الأهمية، يجب أن تحذر المنطقة من الانجرار إلى معارك الآخرين، سواء المعركة المشتعلة بين أوكرانيا وروسيا لأربعة عشر شهراً حتى الآن، أو لطبول الحرب التي يسمع دويها من وقت لآخر على أرض تايوان.